الإطلاق إليه. وقد أشرنا إلى مثل ذلك في النكرة الواقعة في سياق النفي ونحوه، وقد مر الكلام فيه عند بيان معنى النكرة.
سادسها: أن النكرة في مقام الإثبات إن كانت في مقام بيان وقوع فعل منه أو عليه في الماضي أو المستقبل نحو " جاء رجل " أو " يجئ رجل " أو " ضربته بعصا " أو " أكرمته يوما " فلا عموم فيه مطلقا، وإنما يفيد ثبوت الحكم لفرد ما من غير الدلالة على الخصوصية المعينة أصلا لا ابتداءا ولا إلزاما. وإن كان في مقام إثبات حكم له فإن لم يكن المقام مقام البيان فلم يحكم بعمومه، وإنما يفيد ثبوت الحكم لفرد ما على وجه الاجمال، كما إذا قال " أوجبت عليكم اليوم شيئا، أو كلفتكم بتكليف " ونحو ذلك. وإن ورد في مقام البيان وكان بيان ثبوت الحكم لفرد ما غير مفيد بحسب المقام والمفروض أنه لا إشارة إلى تعيين الفرد انصرف إلى العموم، من جهة قضاء الحكمة به على ما مرت الإشارة إليه في المفرد المعرف.
وقد يكون المراد بالنكرة حينئذ هو مطلق الطبيعة المرسلة ويكون التنوين فيه لمحض التمكن على نحو " أسد علي " ويعم ثبوت الحكم للطبيعة لأفراده المتحدة بها كما في قولك: رجل... (1) تبعا، وحمل النكرة على ذلك وإن كان خلاف ما هو الظاهر منها، إلا أن قرينة المقام حسب ما ذكرنا قاضية بالحمل عليه، ومن ذلك ما إذا وردت في مقام الامتنان ولم يحصل بإثبات الحكم لفرد ما منه على ما هو الظاهر من النكرة ولا للطبيعة بالنسبة إلى بعض أفرادها - كما في الآية الشريفة - فيعم الظهور لجميع أفراد الماء النازل من السماء، وهذا هو المراد من قولهم: إن النكرة الواقعة في مقام الامتنان تفيد العموم. وأما إذا حصل الامتنان بثبوت فرد ما له - كما في قولك " قد أعطاك سمعا وبصرا، وآتاك قوة، ومنحك علما وفضلا " ونحو ذلك - فلا دلالة فيه على العموم قطعا. وكذا لو حصل ذلك بالحكم على الطبيعة في ضمن بعض الأفراد - كما في قوله تعالى * (فيها فاكهة ونخل ورمان) * (2) - فإنه لا يدل على وجود أفراد الفواكه والنخل والرمان في الجنة،