حجة القول الثاني أمور:
منها: أن المجاز أولى من الاشتراك، فيدور الأمر بين كونه حقيقة في الأول أو الثاني، والأول أولى، لمشابهة الثاني له في الاشتمال على الزوال عن الحالة الأولى بخلاف العكس.
وفيه: أن مشابهة الأول للثاني حاصلة أيضا، لما في إزالة الشئ من تحويله من الوجود إلى العدم، وقد يجعل التجوز في المقام من قبيل المجاز المرسل، فإن الإزالة لازم للنقل حيث إن نقل الشئ عن محل قاض بإزالته عنه. فإن قيل بكونه حقيقة في النقل يكون استعماله في الإزالة من قبيل استعمال الملزوم في اللازم، ولو قيل بالعكس كان استعماله في النقل من قبيل استعمال اللازم في الملزوم، كذا يظهر من التفتازاني، ونص عليه الفاضل الصالح، وحكي عن بعض نسخ شرح العضدي عكس ذلك. وكيف كان، فدعوى حصول العلاقة من أحد الجانبين دون الآخر فاسدة.
ومنها: أن إطلاق اسم النسخ على الإزالة ثابت والأصل في الإطلاق الحقيقة، فيكون مجازا في النقل، لأن المجاز خير من الاشتراك.
وضعفه ظاهر، فإنه مقلوب عليه، لأن إطلاقه على النقل ثابت أيضا، فالأصل فيه الحقيقة، فيكون مجازا في الآخر.
ومنها: أن إطلاق اسم النسخ على النقل في قولهم نسخت الكتاب مجاز، لأن ما في الكتاب لم ينقل حقيقة، وإذا كان مجازا في النقل كان حقيقة في الإزالة، لعدم استعماله في ما سواهما.
ووهنه ظاهر، فإن كونه مجازا في المثال المفروض لعدم استعماله في النقل حقيقة لا يقضي بكونه مجازا فيه إذا استعمل في حقيقته. ولو أريد بذلك المنع من استعماله في النقل بمعناه الحقيقي فهو فاسد، لاستعماله فيه في أمثلة أخرى، والظاهر أنه غير قابل للإنكار، على أن عدم استعماله في المثال في حقيقة النقل غير ظاهر، فإنه إن أريد به نقل خصوص المكتوب كان الأمر على ما ذكر، وأما إن