شأن المتجزئ، لتوقفه على إثبات عدم وجوب الاحتياط في شأنه، وليس هناك دليل قاطع على عدم وجوبه بالنسبة إليه، كما مر التنبيه عليه، وحينئذ فقضية الأصل رجوعه إلى الاحتياط مع الإمكان.
ويتصور الاحتياط في شأنه على وجوه:
أحدها: مراعاة ما يحصل منه القطع بأداء الواقع.
ثانيها: مراعاة التوافق بين ما ظنه وما يفتيه المجتهد المطلق لحصول القطع له بتفريغ الذمة، لدوران أمره بين الأخذ بقوله ورجوعه إلى المجتهد المطلق، والمفروض إثباته (1) على كل من الوجهين.
ثالثها: أنه يرجع إلى فتوى المطلق في جواز التجزي، والرجوع إلى الوجه المذكور مبني على جواز التقليد في مسائل الأصول، كما أن مع عدم القول بجوازه لا يتم له الاحتياط بمراعاة ذلك. فحينئذ نقول: إنه إما أن يكون المتجزئ قادرا على استنباط حكم التجزي أو لا، وعلى الأول فإما أن يكون مرجحا لجواز التجزي أو لمنعه، وعلى التقادير المذكورة فإما أن يكون من يرجع إليه قائلا بالتجزي أو مانعا منه، فيجري فيه الاحتمالات الستة المتقدمة أيضا، فإن كان عاجزا عن ترجيح مسألة التجزي تعين عليه الرجوع إلى المجتهد المطلق في جوازه ومنعه، لوضوح وجوب التقليد عليه فيما لا يقدر على استنباطه، فعلى الأول يأخذ بظنه، وعلى الثاني يرجع إلى تقليد المجتهد في المسائل، وإن كان قادرا عليه وكان قائلا بجوازه كالمجتهد الذي يرجع إليه فلا إشكال، وإن كان من يرجع إليه قائلا بمنعه فلا مجال للاحتياط فيه على الوجه المذكور، كما هو الحال في عكسه، بل يتعين فيهما الرجوع إلى أحد الوجهين المذكورين، ولو كانا قائلين بمنع التجزي تعين عليه الأخذ بالتقليد هذا كله مع إمكان الاحتياط في حقه على أحد الوجوه المذكورة، وأما مع عدم إمكانه، فإن كان مرجحا لجواز التجزي وحجية ظن المتجزئ تعين به كتعين أخذه بالتقليد إذا كان مرجحا لعدمه، وذلك