الفاسق وإنما ذلك أخذ بهذه الروايات المعتبرة على ما فصلنا القول فيه، وما ذكره في حمل الأخبار فهو تقييد بعيد عن ظواهرها من دون قيام دليل عليه بل لا يلائم سياقها كما عرفت الحال فيها.
الوجه الثاني (1) التمسك بقاعدة الاحتياط وهو ظاهر فيما إذا دل الخبر الضعيف على وجوب شئ أو حرمته، لوضوح أن الاحتياط حينئذ في فعل الأول وترك الثاني، ويدل على رجحان الاحتياط فيه العقل والنقل المستفيض، بل هو الفرد المتيقن من الأخبار الدالة على رجحان الاحتياط في الدين، وأما إذا دل على الاستحباب أو الكراهة فالظاهر أنه كذلك، إذ البناء على موافقة أوامر المولى ونواهيه مطلقا قاض بذلك من غير فرق بين كون المطلوب حتميا أو غيره، لقطع العقل بأن الباني على امتثال جميع أوامر المولى وجوبية كانت أو ندبية وترك جميع نواهيه كذلك ينبغي البناء له على ذلك، ولذا ترى العقل يقطع بمدح العبد الذي يأتي بكل فعل يحتمل كونه محبوبا لمولاه وترك كل فعل يحتمل كونه مبغوضا له من جهة احتمال كونه محبوبا أو مبغوضا. والظاهر أن الأخبار الدالة على رجحان الاحتياط دالة عليه أيضا، إذ هو احتياط في تحصيل المندوب أو ترك المكروه، وهما متعلقان لطلب الشرع وإن لم يكن الطلب فيهما مانعا من النقيض، فهذه الجهة - أعني ملاحظة الاحتياط في أداء ما أراده الشارع من الفعل أو الترك - جهة محسنة للفعل أو الترك بحسب الواقع وإن لم يكن كل منهما في حد ذاته راجحا في الواقع، فذلك من الجهات الاعتبارية المحسنة للفعل أو الترك.
وقد تقرر أن حسن الأفعال وقبحها بالوجوه والاعتبارات، وليسا من لوازم الذات.