حكم العقل والشرع برجحان الاحتياط ومطلوبيته لا يبقى مجال لاحتمال الحرمة في المقام من جهة البدعة، لرجحان الفعل إذن من جهة الاحتياط، وإن فرض عدم رجحانه في نفسه بالمرة فلا وجه إذن لاحتمال تحريم قصد القربة مع حصول الجهة المقربة. وما لعله يتوهم من أنه لا كلام في حسن الاحتياط ورجحانه والاكتفاء به في قصد القربة - إنما الكلام في تحققه في المقام، فالبحث هنا في موضوع الاحتياط فلا يرتبط ثبوته بإثبات حكمه من جهة العقل والنقل، فإن ذلك إنما يدل على حسن الاحتياط في العمل لا على كون العمل على وفق الاحتياط وقضية الإيراد المذكور عدم إندراج ذلك في الاحتياط نظرا إلى قيام احتمال التحريم - مدفوع بأن احتمال التحريم في المقام إنما يقوم في بادئ الرأي من جهة الغفلة عن رجحان الاحتياط، فإنه إذا احتمل عدم الحسن في الاحتياط قام احتمال البدعة.
وأما بعد العلم بحسنه ورجحانه عقلا وشرعا فلا ريب في كون الإتيان بالأمر الدائر بين الإباحة والوجوب - مثلا - أحوط، إذ لو كان مباحا لم يكن مانع من الإتيان به وإن كان واجبا كان تركه قاضيا بالعقاب، وحينئذ فيصح التقرب به من جهة رجحانه.
فإن قلت: إن كان الفعل المفروض مما لا يتوقف الإتيان به (1).
* * *