- المسألة الثانية - (1) أنهم اختلفوا في وجوب تجديد النظر على المجتهد عند تجدد الواقعة التي اجتهد في حكمها وجواز بقائه على مقتضى اجتهاده الأول إلى أن ينساه أو يتغير رأيه عنه فيجوز له الإفتاء باجتهاده السابق في الوقائع المتأخرة من غير حاجة إلى اجتهاد آخر على أقوال:
ثالثها: التفصيل بين نسيان دليل المسألة وعدمه فيجب عليه تجديد الاجتهاد في الأول دون الثاني، ذهب إليه المحقق والسيد العميدي، وحكي القول به عن الإمام والآمدي، وعزاه في النهاية إلى قوم، وقال العلامة في قواعده أنه تفصيل حسن يقرب من قواعدهم الفقهية.
رابعها: التفصيل بين ما إذا قويت قوته في الاستنباط لكثرة الممارسة والاطلاع على وجوه الأدلة وعدمها فيجب على الأول دون الثاني، وقد نفى عنه البعد في الزبدة، ومال إليه الفاضل الجواد في شرحها.
والمحكي عليه الشهرة بين الأصوليين من أصحابنا والعامة هو القول بعدم وجوب تجديد النظر مطلقا وقد احتجوا عليه بوجوه:
أحدها: استصحاب الحكم الثابت بالاجتهاد الأول.
ثانيها: حصول ما وجب عليه من الاجتهاد بالمرة الأولى نظرا إلى تعلق الوجوب بالطبيعة وحصول الطبيعة بالمرة. ووجوب الإتيان به مرة أخرى يحتاج إلى قيام دليل عليه عدا ما دل على وجوب أصل الاجتهاد، وحيث لم يقم دليل آخر عليه قضى ذلك بالاجتزاء بالمرة الأولى.
وغاية ما يتخيل لاحتمال وجوب التجديد إمكان اطلاعه على ما لم يطلع عليه في الاجتهاد السابق وهو مع عدم قيام دليل على منعه من الحكم، مدفوع بالأصل، على أنه لو كان مانعا من الحكم لجرى بالنسبة إلى الواقعة الأولى، مع أنه لا يجب تكرار النظر بالنظر إليها بالاتفاق.