قوله: * (في جملة مباحث التخصيص) *.
التخصيص قصر الحكم المتعلق بالعام على بعض مدلوله، فلو تعلق الحكم من أول الأمر على بعض مدلوله لم يكن تخصيصا، كما في قولك " أكرم بعض العلماء " وكذا يخرج عنه التخصيص المتعلق بغير العام في نحو قولك " له علي عشرة إلا ثلاثة " و " أكلت الخبز إلا نصفه " ويخرج عنه أيضا التخصيص المتعلق ببعض أحوال العام، كما في قولك " أكرم العلماء إلى يوم الجمعة " أو " في يوم الجمعة " إذ لا عموم بالنسبة إلى الأحوال حتى يكون اخراج الحال المذكور تخصيصا له، وإنما العموم الحاصل فيه بالنسبة إلى الأفراد وهو حاصل في المثال المفروض، فهو يفيد بحسب الظاهر الإطلاق القاضي بالاكتفاء بالإكرام الحاصل في أي وقت كان، ويخرج عنه أيضا إطلاق العام على بعض أفراده لا على وجه التخصيص، كما إذا قلت: رأيت كل الرجل، وقد رأيت زيدا تنزيلا له منزلة الجميع، ويندرج فيه ما إذا كان التخصيص قرينة على إطلاق العام على بعض مدلوله، وما إذا كان مخرجا لبعض الأفراد عن الحكم المتعلق به، وإذا استعمل العام فيما وضع له من العموم في وجه، وقد يطلق التخصيص على ما يعم قصر الحكم المتعلق بغير العام على بعض مدلوله، ويعرف حينئذ بأنه اخراج بعض ما يتناوله الخطاب، وذلك كالتخصيص المتعلق بأسماء العدد وإخراج بعض الأجزاء عن الكل، كما في " أكلت السمكة إلا رأسها " ثم إن المخصص قد يكون متصلا وقد يكون منفصلا، والصلة وإن كانت في معنى الصفة إلا أنها ليست مخصصة للموصول، وذلك لعدم تمامية الموصول إلا بها، فعمومه إنما هو على حسب صلته بخلاف الموصوف، وأما القيود المتعلقة بالصلة فهل يعد تخصيصا؟ وجهان: من تمامية الموصول بنفس الصلة فيكون ذلك مخصصا له ببعض الأفراد، ومن كونه بمنزلة جزء الصلة فيكون عموم الموصول على حسبه.
والمخصص المتصل أمور خمسة: الاستثناء، والشرط، والصفة، والغاية، وبدل البعض من الكل، ويندرج في الصفة سائر القيود المنضمة إلى اللفظ مما يوجب