خامسها: أن الثواب الوارد في الأخبار المذكورة مطلق، وكما أن الثواب يثبت للمندوب يثبت للواجب أيضا، فلم خصوا الحكم بالمندوب ولم يجروه بالنسبة إلى الواجبات مع أن مفاد الأخبار المذكورة أعم منه لحصول الثواب على كل من الأمرين، وإطلاق لفظ العمل ونحوه مما ورد في تلك الأخبار.
وجوابه ظاهر، إذ ليس مفاد تلك الروايات لزوم الأخذ بما دل عليه الخبر من الحكم، بل مقتضاها الحكم بترتب الثواب على الفعل المذكور، وذلك إنما يفيد رجحان ذلك الفعل لا وجوبه، إذ ليس فيها ما يدل على ترتب العقاب على تركه، فإن دل الخبر على الأمرين بنى عليه في الحكم بترتب الثواب من جهة ظاهر هذه الأخبار دون ترتب العقاب على تركه، لانتفاء ما يدل عليه، وعدم نهوضها حجة في نفسها ولا ملازمة بين الأمرين، مضافا إلى ما عرفت من صراحة سياق هذه الروايات في إرادة الاستحباب مع عدم ثبوت الوجوب من الخارج، فكيف يمكن إجراؤها في وجوب ما دل الخبر المفروض على وجوبه، مع إطلاق الأخبار المذكورة بالنسبة إلى الواجب والمندوب يكون مقتضاها استحباب الإتيان بما دل الأخبار على وجوبه أيضا، ولا مانع منه مع عدم نهوض ما دل على الوجوب على إثباته.
فإن قلت: إن مفاد هذه الروايات ترتب الثواب الذي بلغه على الفعل المفروض سواء كان ذلك الفعل مما ثبت وجوبه - كما إذا بلغه ثواب على أداء الصلاة اليومية، أو صيام شهر رمضان - أو كان مما ثبت ندبه - كصلاة الليل - أو كان دائرا بين الوجوب والندب، أو دائرا بين الإباحة والاستحباب، ودل الخبر المفروض على وجوبه أو ندبه، إلى غير ذلك. وحينئذ كيف يقال بدلالة تلك الأخبار على استحباب الإتيان بذلك الفعل وكونه مطلوبا على وجه الندب؟
قلت: لا نقول بصراحة الأخبار المذكورة في استحباب الإتيان بما ورد الثواب فيه حتى يزاحم ما دل على وجوب ذلك الفعل فلا يصح اجراؤها في جميع الصور المذكورة، بل نقول: إنه لا دلالة فيها على وجوب الإتيان بذلك الفعل الذي