مسائلها إلى حد القطع في ذلك الفن بخلاف مسائل الفقه، فإنها ظنية في فن الفقه وإنما ينتهي إلى القطع في فن آخر.
وثانيا: أن الأخبار المذكورة مشهورة بين الأصحاب بل مروية من طريقين:
العامة والخاصة، معروفة عند الفريقين قد تلقاها معظم الأصحاب بالقبول مع اعتضاد بعضها بالبعض وتكررها في الكتب المعتمدة، فلا تأمل في حجية مثلها ولو عند القائل بعدم حجية الآحاد، فإنه يعد مثل ذلك من المتواتر - كما ادعي في المقام - أو من المحفوف بقرائن القطع، كيف؟ ولولا البناء على حجية مثلها لسقط اعتبار الأخبار بالمرة، وفيه هدم للشريعة. كذا يستفاد من كلام بعض الأفاضل، وفيه تأمل، إذ ليس ذلك جوابا غير الأول، إذ أقصى ما يستفاد من ذلك حجية مثل الأخبار الظنية المفروضة في الفروع، وأما حجيتها في الأصول فمبني على عدم (1) منع المقدمة المذكورة. نعم إن ثبت قطعية الأخبار المذكورة كان ذلك جوابا آخر.
وثالثا: أنا لا نقول بحجية الأخبار الضعيفة في إثبات الآداب والسنن الشرعية، بل نقول بكونها قاضية باستحباب الفعل من الجهة المفروضة، سواء كان ذلك الخبر صدقا بحسب الواقع أو كذبا، فهو حكم واقعي ثابت للفعل من تلك الجهة قد دلت عليه الأخبار المذكورة.
كيف! ولو قلنا بحجية الروايات الضعيفة في إثبات الأحكام المفروضة لكانت تلك الروايات أدلة على الواقع، فإن وافقت الواقع كان الحكم ثابتا بحسب الواقع وإلا فلا، كما هو الحال في غيرها من الأدلة الظنية، وليس الحال هنا كذلك، إذ نقول حينئذ بثبوت الحكم بحسب الواقع وإن لم يطابق الواقع، كما هو مقتضى الأخبار المذكورة.
وحينئذ نقول: إن القول بحصول الرجحان في الفعل من جهة بلوغ الخبر المفروض حكم شرعي ندبي كسائر الأحكام الشرعية، فهي جهة مرجحة للفعل على نحو سائر الجهات المرجحة للأفعال، فكما أنه لا مانع من الرجوع فيها،