ويدفعه: أن حكم الشارع بترتب الثواب على عمل يساوق الحكم برجحانه، إذ لا ثواب على غير الواجب والمندوب كيف ومن البين أنه لو حكم الشارع ثبوت ثواب على عمل مخصوص - كما ورد في كثير من الأخبار - دل ذلك على استحباب ذلك العمل من غير إشكال، فكيف لا يحكم به مع حكمه به على سبيل الكلية كما في المقام.
قال صاحب الحدائق في بيان الإيراد أن غاية ما تضمنته تلك الأخبار هو ترتب الثواب على العمل، ومجرد هذا لا يستلزم أمر الشارع وطلبه لذلك، فلا بد أن يكون هناك دليل آخر على طلب الفعل والأمر به ليترتب عليه الثواب بهذه الأخبار. قال: وهذا الكلام جيد وجيه لا مجال لإنكاره، فقول المجيب: " إن ترتب الثواب على عمل يساوق رجحانه... إلى آخره " كلام قشري لا معنى له عند التأمل الصادق، لأن العبادات توقيفية من الشارع واجبة كانت أو مستحبة، فلا بد لها من دليل صريح ونص صحيح يدل على مشروعيتها، وهذه الأخبار لا دلالة فيها على الثبوت والأمر بذلك، وإنما غايتها ما ذكرناه انتهى.
ولا يخفى ضعفه، إذ بعد تسليم دلالة الأخبار المذكورة على حكم الشارع بترتب الثواب على العمل الذي روي فيه الثواب كيف يعقل التأمل في حكم الشرع برجحان ذلك الفعل من الجهة المفروضة؟ وكيف يحتمل انفكاك الحكم بالرجحان عن الحكم بترتب الثواب، وليس معنى الراجح في الشرع إلا ما ترتب الثواب على فعله، فقوله " إن مجرد ذلك لا يستلزم أمر الشارع وطلبه " من الغرائب، وتعليله ذلك " بأن العبادات توقيفية من الشارع واجبة كانت أو مستحبة " مما لا ربط له بذلك، فإن المفروض حصول التوقيف من الشارع، لورود الأخبار المذكورة الدالة على حصول الرجحان من الجهة المفروضة، وكأنه أشار بذلك إلى ما استدلوا به على المنع من الأخبار الدالة على توقيفية أحكام الشريعة، وأنه لا بد فيها من الرجوع إلى الكتاب والسنة فإنها تعم جميع الأحكام الشرعية، فأراد بذلك معارضتها بالأخبار المذكورة، وستعرف ما فيه.