وبالجملة: أن الشارع قد طلب منا الإتيان بما بلغنا فيه ثواب وحكم بترتب ذلك الثواب عليه وإن لم يكن الحال على ما بلغنا وقد دلت هذه المعتبرة على صدور ذلك التكليف من الشرع، فالحكم بالرجحان في ما نحن فيه من جهة هذه الأخبار دون خبر الفاسق. ولذا يثبت الرجحان وإن كان المخبر كاذبا كما هو قضية هذه الروايات، فيكون بلوغ الثواب على الوجه المذكور سببا لترتب الثواب على الفعل لا كاشفا عن حصوله في الواقع ومبينا له كما هو شأن الدليل ليكون الاعتماد فيه على الفاسق، فليس مدلول هذه الأخبار تصديق الفاسق في ما أخبر به من حكاية الثواب فيه عن المعصوم، وإنما دلت على الحكم بترتب الثواب واقعا بسبب بلوغ الخبر إلى العامل، ورجحان الفعل بالنسبة إليه، وليس في ذلك عمل بقول الفاسق أصلا.
وبهذا التقرير يظهر أن لا معارضة بين هذه الروايات والآية الشريفة رأسا ليفتقر إلى بيان طريق الجمع، فما ذكرناه أولا من كون المعارضة من قبيل العموم من وجه كان مماشاة مع المورد.
ومن ذلك يظهر ضعف ما أورده بعض الأجلاء - وهو إيراد سابع في المقام - من أن الأحاديث المطلقة تحمل عندهم على الأخبار المقيدة، وتعرض مع هذا على الكتاب فما لم يوافقه منها يضرب به عرض الحائط، مع أنه يجب إطراحها أو تأويلها إذا خالفت السنة المقطوع بها، والأمور الثلاثة حاصلة في المقام.
أما الأخبار المقيدة فهي ما دلت على النهي البليغ عن أخذ العلوم كلها إلا عن العالم الرباني، وأنه لا يؤخذ شئ من العلم من جماهير المخالفين وأن الرشد في خلافهم، وكتاب أصول الكافي مشحون بمثل هذه الأخبار، وأما الكتاب فقوله عز من قائل: * (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق... الآية) * (1) ولا شك أن الأحكام المستحبة والمكروهة من أعظم الأخبار، لأنها أحكام إلهية.
وأما السنة القطعية فظاهرة من قطع الأصحاب، لنص الأخبار على رد شهادة