الترك لا في مقدار الثواب، إذ قد يكون الثواب المترتب على المندوب أكثر من الواجب - حسب ما قيل في ثواب الابتداء بالسلام وثواب رده - على أنه لا مانع من القول بالتزام ترتب ثواب الواجب في المقام من باب التفضل، نظرا إلى الجهة المذكورة وإن قلنا بنقصان ثواب المندوب من الواجب في أصله.
سادسها: أن الآية الشريفة الدالة على رد خبر الفاسق أخص من هذه الأخبار لدلالتها على رد خبر الفاسق، سواء كان مما تعلق بالسنن أو غيرها، وهذه الروايات قد اشتملت على ترتب الثواب المذكور على العمل، سواء كان المخبر به عادلا أو فاسقا، ولا ريب أن الأول أخص من الثاني فيجب حمل تلك الأخبار على غير تلك الصورة حملا للمطلق على المقيد، كما هو مقتضى القاعدة، كذا قيل.
وفيه: أن المعارضة بينهما من قبيل العموم من وجه، لوضوح عدم دلالة هذه الأخبار على قبول الخبر مطلقا ليكون ما دل على رد خبر الفاسق مقيدا لها، بل إنما دلت على قبول الخبر في ترتب الثواب على العمل من دون دلالة على ما يزيد على ذلك أصلا.
وحينئذ نقول: إن قضية هذه الأخبار قبول مطلق الخبر المشتمل على ترتب الثواب، سواء كان راويه عادلا أو فاسقا، وقضية ظاهر الآية رد خبر الفاسق مطلقا سواء دل على ترتب الثواب على العمل أو غير ذلك.
ومن الواضح: أن النسبة بينهما من قبيل العموم من وجه، ومن العجب إصرار صاحب الحدائق (رحمه الله) في المقام على كون التعارض بينهما من قبيل العموم المطلق، مع أنه في غاية الوضوح من الفساد.
قال (رحمه الله) في بيان ذلك: إن الأخبار دلت على ترتب الثواب على العمل الوارد بطريق عن المعصوم (عليه السلام) سواء كان المخبر عدلا أم لا، طابق خبره الواقع أم لا، من الواجبات كان أم من المستحبات، ومورد الآية خبر الفاسق تعلق بالسنن أو بغيرها. ولا ريب أن هذا العموم أخص من ذلك العموم مطلقا لا من وجه.
وضعفه ظاهر بما عرفت، كيف! ولو تعلق خبر الفاسق بترتب عقاب على عمل