بين الوجهين ممكنا لإمكان أحد قسميه لا يقضي بتعلق التكليف بالمطلق على إطلاقه ليكون مرآتا لملاحظة أفراده كذلك، بل إنما يقيد ذلك بالممكن على حسب ما ذكر، فيكون الطبيعة مأمورا بها من حيث كونها عنوانا للأفراد والجزئيات على ما هو الحال في المحصورات.
ثم إن ما ذكر من كون الفرد مقدمة لحصول الطبيعة فاسد جدا، ضرورة أن النسبة بين الطبيعة والفرد اتحادية، وانحلال الفرد إلى الطبيعة والخصوصية إنما هو في العقل، فليس الفرد في الخارج إلا أمرا بسيطا، والمتصف بالوجوب هو الطبيعة الخارجية المتحدة بالخصوصية وهو المعبر بالفرد، فكيف يعقل أن يكون مقدمة للواجب مع وضوح لزوم التغاير بين المقدمة وذي المقدمة. وأيضا لا توقف لإيجاد الطبيعة على إيجاد الخصوصية بل الخصوصية من لوازم إيجاد الطبيعة فكما أن الطبيعة ما لم يتشخص لم يوجد كذا ما لم يوجد لم يتشخص.
والحاصل: أن وجود الطبيعة في الخارج يلازم وجود الخصوصية فهي إنما توجد على الوجه المذكور وذلك لا ربط له بالتوقف.
وقد عرفت في بحث المقدمة أن الحكم فيما يلازم الواجب غير حكم المقدمات.
ومع الغض عن جميع ذلك فلو صح ما ذكر كانت الخصوصية مقدمة لحصول الطبيعة لا أن يكون الفرد مقدمة للطبيعة، فإن الفرد ملفق من الطبيعة والخصوصية، والمفروض أن الخصوصية الحاصلة مقدمة لوجود الطبيعة الحاصلة به، وأين ذلك من كون الفرد مقدمة للطبيعة حسب ما ذكره.
والتحقيق في الجواب: أنه إن أريد بها أنه لما تعلقت القدرة بالفرد - أعني الطبيعة المنضمة إلى الخصوصية - لزم أن يكون المطلوب هو الطبيعة والخصوصية معا فهو فاسد، لمقدورية الطبيعة أيضا. فالأمر إنما يتعلق بالفرد من حيث انطباقه على الطبيعة من دون أن يكون الخصوصية ملحوظة في الأمر. فعدم تعلق القدرة بالطبيعة من غير انضمام الخصوصية لا يقضي إلا بتعلق التكليف بالمنضم إليها،