قوله: * (يعني: أنه لا بد عند الأمر من تعلقه) *.
يعني: بذلك أنه لا يريد به اللزوم العقلي بأن يكون العقل ظرفا للزومهما بأن يستحيل الانفكاك بينهما بحسب الذهن ليكون لازما بينا له بالمعنى الأخص، بل يريد باللزوم العقلي: أن العقل يدرك ذلك اللزوم وإن توقف ذلك على واسطة في الإثبات ليكون اللزوم غير بين، أو اكتفى في إدراكه بمجرد تصور الطرفين والنسبة بينهما لا أن الشرع يحكم به، وليس المراد من عدم حكم الشرع به عدم انفراده في الحكم به، كما هو الحال في الملزومات الثابتة بالشرع مما لا يستقل العقل بإدراكه وإلا فمن الظاهر أنه إذا حكم به العقل فقد حكم به الشرع أيضا.
قوله: * (فالنهي عن الضد لازم له بهذا المعنى) *.
قضية ظاهر العبارة: أن ذلك بيان لكلام القائل بالاستلزام، فالإيراد عليه بأنه إن أريد به الضد العام فغير مفيد في استنباط الأحكام وإن أريد به الضد الخاص فغير مسلم إذ ليس ترك الضد من جملة مقدمات الفعل، ليس في محله.
قوله: * (وأنت إذا تأملت... الخ) *.
لا يخفى: أنه إن أراد القائل المذكور تنزيل كلام القائل بالدلالة على النهي عن الضد العام على ما ذكره فهو مما لا شاهد عليه، إذ ذهاب البعض إلى حصول الدلالة اللفظية بالنسبة إليه مما لا بعد فيه ولا داعي إلى التنزيل بعد قضاء كلامه بذلك، وإن أراد تنزيل كلام القائل بالدلالة على النهي عن الضد الخاص على ذلك فليس بالبعيد، لبعد القول بالدلالة اللفظية بالنسبة إليه جدا، كيف والدلالة المذكورة على فرض ثبوتها ليست بينة بالمعنى الأعم أيضا بل يتوقف إثباتها على قيام الدليل عليه، فدعوى اللزوم البين بالمعنى الأخص كأنه مصادم للضرورة، وليس في كلام القوم على ما رأينا تصريح بإثبات الدلالة اللفظية وإن فرض إطلاق بعضهم حصول الدلالة اللفظية. فتنزيله على إرادة الضد العام ليس بذلك البعيد، فاستنكار المصنف (رحمه الله) لما قرر القائل المذكور على إطلاقه ليس على ما ينبغي.
قوله: * (أحدهما: أن فعل الواجب... الخ) *.