وقد يجاب عنه تارة: إنا نختار تعلق الأمر به حال التمكن من مقدمته بعد تعلق الأمر به في الجملة وحينئذ فإن خرج ذلك الفعل عن قدرته من جهة اختياره لم يكن مانعا من بقاء ذلك التكليف، نظرا إلى أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وأخرى بالتزام حصول العصيان واستحقاق العقاب بترك الفعل في الزمان المضروب له وإن لم يتمكن حينئذ من مقدمته ولم نقل ببقاء التكليف حال انتفاء التمكن من المأمور به نظرا إلى تعلق التكليف به حال التمكن عن المقدمة، فإن الآمر إذا أراد إيجاد المأمور لشئ في الزمان اللاحق وكان ذلك الشئ متوقفا على مقدمة سابقة عليه في الوجود وكان المأمور قادرا على الإتيان بها لم يكن هناك مانع من تعلق التكليف بذلك الشئ من غير إشكال، نظرا إلى إمكان حصول الفعل وصدوره من المأمور لإمكان إتيانه بمقدمة المقدورة ثم بالواجب، فإذا تعمد المكلف ترك المقدمة المفروضة قضى ذلك بعصيانه للأمر حين مجئ زمان الفعل وإن ارتفع الأمر بارتفاع المكنة من أداء الفعل فهو عاص حينئذ للأمر المتعلق به حال تمكنه من مقدمته وإن لم يبق ذلك الأمر حين عصيانه، إذ لا دليل على لزوم بقاء الأمر حال تحقق العصيان.
وقد عرفت ضعف كل من الوجهين المذكورين فلا حاجة إلى إعادة الكلام فيهما.
ومنها: ما ذكره جماعة منهم الغزالي والآمدي والحاجبي من أن الاجماع قائم على وجوب تحصيل الواجب وتحصيله إنما يكون بتعاطي ما يتوقف عليه وقضية ذلك وجوب ما يتوقف عليه وإلا لزم التناقض، إذ مفاد ذلك وجوب تحصيل الشئ بما لا يجب تحصيله به.
وجوابه ظاهر: فإنه إن كان المراد بوجوب تحصيل الواجب هو الإتيان به فالإجماع على وجوبه مسلم، ودلالته على وجوب ما يتوقف ذلك الإتيان عليه أول الدعوى وإن أريد به غير ذلك فدعوى الاجماع على وجوبه ممنوعة، ولو سلم