وهو بين الفساد، كيف! ولو كان كذلك لزم عدم ظهور اللفظ في معناه الموضوع له حال التجرد عن القرائن وكان حمل اللفظ على معناه المجازي أظهر من حمله على الحقيقي، وقد عرفت فساده بل مصادمته لما قضت به الضرورة.
وقد ذكر في بيان الغلبة المدعاة أنا إذا قلنا: " قام زيد " فقد تجوزنا حيث أسندنا المصدر المتناول لكل قيام إلى واحد وكذا الحال في سائر الأفعال المسندة إلى سائر الفاعلين، وكذا لفظ " زيد " ونحوه اسم لجميع الأجزاء الذاهبة منها والباقية وقد أطلق على بعضها، وبملاحظة ذلك ونظائره يظهر عدم خلو شئ من الألفاظ عن التجوز إلا نادرا.
وهذا كما ترى، بين البطلان، لظهور أن المادة المأخوذة في ضمن الأفعال إنما وضعت لمطلق الحدث الصادق على كل من الآحاد، لا أن يكون موضوعا بإزاء مجموعها ولا له مقيدا باعتبار صدقه على الكثرة، وليس البدن بجميع الأجزاء المتحللة والباقية مأخوذا في وضع الأعلام وإنما اخذ فيه على وجه كلي يأتي الإشارة إليه في محل آخر إن شاء الله تعالى، فدعوى التجوز في المثال المذكور ونحوه مجازفة واهية.
وربما يوجه ما ذكره بأن أكثر التراكيب المتداولة في ألسنة البلغاء مستعملة في معانيها المجازية، إذ لا يريدون غالبا من التراكيب الخبرية مثلا ما وضعت بإزائها، وإنما يراد منها في الغالب المدح أو الذم أو التحزن أوالتفجع أو المبالغة ونحوها.
وهو أضعف من سابقه، إذ هو - مع اختصاصه بالتراكيب وخصوص الوارد منها في كلام البلغاء في مقام البلاغة فلا يجري في المفردات ولا في كلام غيرهم بل ولا في كلامهم في غير المقام المذكور - محل منع ظاهر، وقد عرفت عدم حصول التجوز في شئ من المركبات المذكورة في كثير من استعمالاتها المتداولة، ومع الغض عن ذلك فالدعوى المذكورة من أصلها محل خفاء أيضا.
ثانيهما: القول بالوقف وعدم ظهور الاستعمال في شئ من الأمرين، وقد حكى ذلك بعض المحققين قولا في المقام فجعل الأقوال في المسألة أربعة،