أي ولا تزال ظالمة، وحينئذ فالمعنى منصب إلى الإنزال لا إلى الرؤية، ولا شك أنه يصح أن يقال: " إن أنزل تصبح "، فقد انعقد الشرط والجزاء.
قلت: إلغاء فعل الرؤية في كلامهم جائز لا واجب، فمن أين لنا ما يقتضي تعيين حمل الآية عليه؟
الثالث: إن همزة الاستفهام إذا دخلت على موجب تقلبه إلى النفي، كقوله تعالى:
(أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين)، وإذا دخلت على نفي تقلبه إلى الإيجاب، فالهمزة في الآية للتقرير، فلما انتقل الكلام من النفي إلى الإيجاب لم ينتصب الفعل، لأن شرط النفي كون السابق منفيا محضا: ذكره العزيزي في " البرهان ".
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة السجدة: (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا).
الرابع: أنه لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض لأن معناه إثبات الاخضرار، فكان ينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار، مثاله أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت فتشكر! إن نصبت فأنت ناف لشكره، شاك تفريصه، وإن رفعت فأنت مثبت لشكره. ذكر هذا الزمخشري في الكشاف، قال: وهذا ومثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله.
وقال ابن الخباز: النصب يفسد المعنى، لأن رؤية المخاطب الماء الذي أنزله الله ليس سببا للاخضرار، وإنما الماء نفسه هو سبب الاخضرار.
ومنه قوله تعالى: (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت)،