وقيل: لما كان جعل الفرع أصلا والأصل فرعا في التشبيه في حالة الإثبات يقتضى المبالغة في التشبيه، كقولهم: القمر كوجه زيد، والبحر ككفيه، كان جعل الأصل فرعا والفرح أصلا في كماله الذي يقتضى نفي المبالغة في المشابهة، لا نفي المشابهة، وذلك هو المقصود هنا، لأن المشابهة واقعة بين الذكر والأنثى في أعم الأوصاف وأغلبها، ولهذا يقاد أحدهما بالآخر.
ومنها قصد المبالغة، فيقلب التشبيه، ويجعل المشبه هو الأصل ويسمى تشبيه العكس، لاشتماله على جعل المشبه مشبها به، والمشبه به مشبها، كقوله تعالى: (قالوا إنما البيع مثل الربا) كان الأصل أن يقولوا: إنما الربا مثل البيع، لأن الكلام في الربا لا في البيع، لكن عدلوا عن ذلك وتجرأوا، إذ جعلوا الربا أصلا ملحقا به البيع في الجواز، وأنه الخليق بالحل.
ويحتمل أن يكون المراد إلزام الاسلام، فيحرم البيع قياسا على الربا، لاشتماله على الفضل طردا لأصلهم، وهو في المعنى نقض على علة التحريم، ويؤيده قوله تعالى:
(وأحل الله البيع وحرم الربا)، وفيه إشارة إلى أن الواجب اتباع أحكام الله واقتفاؤها من غير تعرض لإجرائها على قانون واحد، وأن الأسرار الإلهية كثيرا ما تخفى، وهو أعلم بمصالح عباده فيسلم له عنان الانقياد، وأنهم جعلوا ذلك من باب إلزام الجدلي، وجاء الجواب بفك الملازمة، وأن الحكمة فرقت بينهما. وفيه إبطال القياس في مقابلة النص.
ومنه قوله تعالى: (أفمن يخلق كمن لا يخلق)، فإن الظاهر العكس، لأن