لكونه سابقا أو معدوم الحياة، الذي هو مفارقة الروح البدني يجوز أن يكون لكونه الغاية التي يساق إليها الانسان في دار الدنيا، فهي العلة الغائبة بعدم تحقيقها، لتحققه فخص العلة العامة كما وقع تأكيده في قوله: (ثم إنكم بعد ذلك لميتون)، أو تزهيدا في الدار الفانية، وترغيبا فيما بعد الموت.
فإن قيل: فما وجه تقدم " الحياة " في قوله: (قال فيها تحيون وفيها تموتون) وقوله: (ومحياي ومماتي لله رب العالمين)؟
قلنا: إن كان الخطاب لآدم وحواء، فلأن حياتهما في الدنيا سبقت الموت، وإن كان للخلق فالخطاب لمن هو حي يعقبه الموت، فما التقديم بالترتيب، وكذا الآية بعده.
فإن قيل: فما وجه تقديم الموت على الحياة في الحكاية عن منكري البعث: (إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا)؟
قلت: لأجل مناسبة رؤوس الآي.
فإن قلت: فما وجه تقدم التوفي على الرفع في قوله: (إني متوفيك ورافعك إلي) مع أن الرفع سابق؟
قيل: فيه جوابان:
أحدهما: المراد بالتوفي النوم، كقوله تعالى: (يتوفاكم بالليل).
وثانيهما: أن التاء في " متوفيك " زائدة، أي موفيك عملك.
ومنها سبق إنزال، كقوله: (وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان). وقوله: (الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل).