تصبحون)، ولذلك اختارت العرب التاريخ بالليالي دون الأيام، وإن كانت الليالي مؤنثة والأيام مذكرة، وقاعدتهم تغليب المذكر إلا في التاريخ.
فإن قلت: فما تصنع بقوله تعالى: (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار).
قلت: استشكل الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في قواعده بالإجماع على سبق الليلة على اليوم. وأجاب بأن المعنى: تدرك القمر في سلطانه، وهو الليل، أي لا تجئ الشمس في [أثناء] الليل، فقوله بعده: (ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)، أي لا يأتي في بعض سلطان الشمس وهو النهار. وبين الجملتين مقابلة.
فإن قيل: قوله تعالى: (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل)، مشكل على هذا، لأن الإيلاج إدخال الشيء في الشيء، وهذا البحث ينافيه.
قلت: المشهور في معنى الآية أن الله يزيد في زمن الشتاء مقدارا من النهار، ومن النهار في الصيف مقدارا من الليل، وتقدير الكلام: يولج بعض مقدار الليل في النهار، وبعض مقدار النهار في الليل. وعلى غير المشهور، يجعل الليل في المكان الذي كان فيه النهار ويجعل النهار في المكان الذي كان فيه الليل، والتقدير: يولج الليل في مكان النهار ويولج النهار في مكان الليل.
ومنه تقديم المكان على الزمان في قوله: (خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات