والنور)، أي الليل والنهار، وقوله: (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون. وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون).
وهذه مسألة مهمة قل من تعرض لها، أعني سبق المكان على الزمان، وقد صرح بها الإمام أبو جعفر الطبري في أول تاريخه، واحتج على ذلك بحديث ابن عباس: إن الله خلق التربة يوم السبت، وخلق الشمس والقمر، وكان ذلك كله ولا ليل ولا نهار، إذ كانا إنما هما أسماء لساعات معلومة من قطع الشمس والقمر [درج الفلك] وإذا كان ذلك صحيحا وأنه لا شمس ولا قمر، كان معلوما أنه لا ليل ولا نهار. قال: وحديث أبي هريرة - يعنى في صحيح مسلم - صريح فيه، فإن فيه: " وخلق [الله] النور يوم الأربعاء "، قال: ويعني به الشمس إن شاء الله.
والحاصل أن تأخر خلق الأيام عن بعض الأشياء المذكورة في الخبر لازم.
فإن قلت: الحديث كالمصرح بخلافه، فإنه قال: حين خلق الله التربة يوم السبت، حين خلق البرية وهي أول المخلوقات المذكورة، فلا يمكن أن يكون خلق الأيام كلها متأخر عن ذلك.
قلت: قد نبه الطبري على جواب ذلك بما حاصله: أن الله تعالى سمى أسماء الأيام قبل خلق التربة، وخلق الأيام كلها، ثم قدر كل يوم مقدارا، فخلق التربة في مقدار يوم السبت قبل خلقه يوم السبت، وكذا الباقي.
وهذا وإن كان خلاف الظاهر لكن أوجبه ما قاله الطبري، من أنه يتعين تأخير خلق الأيام لما ذكرناه من الدليل المستفاد من الخبرين.
والحاصل أن الزمان قسمان: تحقيقي وتقديري، والمذكور في الحديث التقديري.