بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: * (قل أعوذ برب الفلق) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: في قوله: * (قل) * فوائد أحدها: أنه سبحانه لما أمر بقراءة سورة الإخلاص تنزيها له عما لا يليق به في ذاته وصفاته، وكان ذلك من أعظم الطاعات، فكأن العبد قال: إلهنا هذه الطاعة عظيمة جدا لا أثق بنفسي في الوفاء بها، فأجاب بأن قال: * (قل أعوز برب الفلق) * أي استعذ بالله، والتجئ إليه حتى يوفقك لهذه الطاعة على أكمل الوجوه وثانيها: أن الكفار لما سألوا الرسول عن نسب الله وصفته، فكأن الرسول عليه السلام قال: كيف أنجو من هؤلاء الجهال الذين تجاسروا وقالوا: فيك مالا يليق بك، فقال الله: * (قل أعوذ برب الفلق) * أي استعذ بي حتى أصونك عن شرهم وثالثها: كأنه تعالى يقول: من التجأ إلى بيتي شرفته وجعلته آمنا فقلت: ومن دخله كان آمنا فالتجئ أنت أيضا إلي حتى أجعلك آمنا: * (فقل أعوذ برب الفلق) *.
المسألة الثانية: اختلفوا في أنه هل يجوز الاستعانة بالرقي والعوذ أم لا؟ منهم قال: إنه يجوز واحتجوا بوجوه أحدها: ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى فرقاه جبريل عليه السلام، فقال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، والله يشفيك وثانيها: قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا من الأوجاع كلها والحمى هذا الدعاء: " بسم الله الكريم، أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار، ومن شر حر النار " وثالثها: قال عليه السلام: من دخل على مريض لم يحضره أجله؛ فقال: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات شفى ورابعها: عن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض قال: " أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت " وخامسها: عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول: " أعيذكما بكلمات الله التامة من شيطان وهامة، ومن