السؤال الثالث: لم قال: * (فعل) * ولم يقل: جعل ولا خلق ولا عمل الجواب: لأن خلق يستعمل لابتداء الفعل، وجعل للكيفيات قال تعالى: * (خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) * وعمل بعد الطلب وفعل عام فكان أولى لأنه تعالى خلق الطيور وجعل طبع الفيل على خلاف ما كانت عليه، وسألوه أن يحفظ البيت، ولعله كان فيهم من يستحق الإجابة، فلو ذكر الألفاظ الثلاثة لطال الكلام فذكر لفظا يشمل الكل.
السؤال الرابع: لما قال: ربك، ولم يقل: الرب؟ الجواب: من وجوه أحدها: كأنه تعالى قال: إنهم لما شاهدوا هذا الانتقام ثم لم يتركوا عبادة الأوثان، وأنت يا محمد ما شاهدته ثم اعترفت بالشكر والطاعة، فكأنك أنت الذي رأيت ذلك الانتقام، فلا جرم تبرأت عنهم واخترتك من الكل، فأقول: ربك، أي أنا لك ولست لهم بل عليهم وثانيها: كأنه تعالى قال: إنما فعلت بأصحاب الفيل ذلك تعظيما لك وتشريفا لمقدمك، فأنا كنت مربيا لك قبل قومك، فكيف أترك تربيتك بعد ظهورك، ففيه بشارة له عليه السلام بأنه سيظفر.
السؤال الخامس: قوله: * (ألم تر كيف فعل ربك) * مذكور في معرض التعجب وهذه الأشياء بالنسبة إلى قدرة الله تعالى ليست عجيبة، فما السبب لهذا التعجب؟ الجواب: من وجوه أحدها: أن الكعبة تبع لمحمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن العلم يؤدي بدون المسجد أما لا مسجد بدون العالم فالعالم هو الدر والمسجد هو الصدف، ثم الرسول الذي هو الدر همزه الوليد ولمزه حتى ضاق قلبه، فكأنه تعالى يقول: إن الملك العظيم لما طعن في المسجد هزمته وأفنيته، فمن طعن فيك وأنت المقصود من الكل ألا أفنيه وأعدمه! إن هذا لعجيب وثانيها: أن الكعبة قبلة صلاتك وقلبك قبلة معرفتك، ثم أنا حفظت قبلة عملك عن الأعداء، أفلا تسعى في حفظ قبلة دينك عن الآثام والمعاصي!.
السؤال السادس: لم قال: * (أصحاب الفيل) * ولم يقل: أرباب الفيل أو ملاك الفيل؟ الجواب: لأن الصاحب يكون من الجنس، فقوله: * (أصحاب الفيل) * يدل على أن أولئك الأقوام كانوا من جنس الفيل في البهيمية وعدم الفهم والعقل، بل فيه دقيقة، وهي: أنه إذا حصلت المصاحبة بين شخصين، فيقال: للأدون إنه صاحب الأعلى، ولا يقال: للأعلى إنه صاحب الأدون، ولذلك يقال: لمن صحب الرسول عليه السلام: إنهم الصحابة، فقوله: * (أصحاب الفيل) * يدل على أن أولئك الأقوام كانوا أقل حال وأدون منزلة من الفيل، وهو المراد من قوله تعالى: * (بل هم أضل) * ومما يؤكد ذلك أنهم كلما وجهوا الفيل إلى جهة الكعبة كان يتحول عنه ويفر عنه، كأنه كان يقول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عزمي حميد فلا أتركه وهم ما كانوا يتركون تلك العزيمة الردية فدل ذلك على أن الفيل كان أحسن حالا منهم.