والأصل: هل، فضم: أم إليها، حجة الأولين على فساد قول الفراء وجوه الأول: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لما صح أن يقال: اللهم افعل كذا إلا بحرف العطف، لأن التقدير: يا الله أمنا واغفر لنا، ولم نجد أحدا يذكر هذا الحرف العاطف والثاني: وهو حجة الزجاج أنه لو كان الأمر كما قال، لجاز أن يتكلم به على أصله، فيقال * (الله أم) * كما يقال * (ويلم) * ثم يتكلم به على الأصل فيقال * (ويل أمه) * الثالث: لو كان الأمر على ما قاله الفراء لكان حرف النداء محذوفا، فكان يجوز أن يقال: يا اللهم، فلما لم يكن هذا جائزا علمنا فساد قول الفراء بل نقول: كان يجب أن يكون حرف النداء لازما، كما يقال: يا الله اغفر لي، وأجاب الفراء عن هذه الوجوه، فقال: أما الأول فضعيف، لأن قوله * (يا الله أم) * معناه: يا الله اقصد، فلو قال: واغفر لكان المعطوف مغايرا للمعطوف عليه فحينئذ يصير السؤال سؤالين أحدهما: قوله * (أمنا) * والثاني: قوله * (واغفر لنا) * أما إذا حذفنا العطف صار قوله: اغفر لنا تفسيرا لقوله: أمنا. فكان المطلوب في الحالين شيئا واحدا فكان ذلك آكد، ونظائره كثيرة في القرآن، وأما الثاني فضعيف أيضا، لأن أصله عندنا أن يقال: يا الله أمنا. ومن الذي ينكر جواز التكلم بذلك، وأيضا فلأن كثيرا من الألفاظ لا يجوز فيها إقامة الفرع مقام الأصل، ألا ترى أن مذهب الخليل وسيبويه أن قوله: ما أكرمه، معناه أي شيء أكرمه ثم إنه قط لا يستعمل هذا الكلام الذي زعموا أنه الأصل في معرض التعجب فكذا ههنا، وأما الثالث: فمن الذي سلم لكم أنه لا يجوز أن يقال: يا اللهم وأنشد الفراء:
وأما عليك أن تقولي كلما * سبحت أو صليت يا اللهما وقول البصريين: إن هذا الشعر غير معروف، فحاصله تكذيب النقل، ولو فتحنا هذا الباب لم يبق شيء من اللغة والنحو سليما عن الطعن، وأما قوله: كان يلزم أن يكون ذكر حرف النداء لازما فجوابه أنه قد يحذف حرف النداء كقوله * (يوسف أيها الصديق أفتنا) * (يوسف: 46) فلا يبعد أن يختص هذا الاسم بإلزام هذا الحذف، ثم احتج الفراء على فساد قول البصريين من وجوه الأول: أنا لو جعلنا الميم قائما مقام حرف النداء لكنا قد أخرنا النداء عن ذكر المنادى، وهذا غير جائز البتة، فإنه لا يقال البتة (الله يا) وعلى قولكم يكون الأمر كذلك الثاني: لو كان هذا الحرف قائما مقام النداء لجاز مثله في سائر الأسماء، حتى يقال: زيدم وبكرم، كما يجوز أن يقال: يا زيد ويا بكر والثالث: لو كان الميم بدلا عن حرف النداء لما اجتمعا، لكنهما اجتمعا في الشعر الذي رويناه الرابع: لم نجد العرب يزيدون هذه الميم في الأسماء التامة لإفادة معنى بعض الحروف المباينة للكلمة الداخلة عليها، فكان المصير إليه في هذه اللفظة الواحدة حكما على خلاف