وقوله: ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر يقول تعالى ذكره: ولقد جاء هؤلاء المشركين من قريش الذين كذبوا بآيات الله، واتبعوا أهواءهم من الاخبار عن الأمم السالفة، الذين كانوا من تكذيب رسل الله على مثل الذي هم عليه، وأحل الله بهم من عقوباته ما قص في هذا القرآن ما فيه لهم مزدجر، يعني: ما يردعهم، ويزجرهم عما هم عليه مقيمون، من التكذيب بآيات الله، وهو مفتعل من الزجر. وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
25322 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
مزدجر قال: منتهى.
25323 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر: أي هذا القرآن.
25324 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر قال: المزدجر: المنتهى.
وقوله: حكمة بالغة يعني بالحكمة البالغة: هذا القرآن، ورفعت الحكمة ردا على ما التي في قوله: ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر.
وتأويل الكلام: ولقد جاءهم من الانباء النبأ الذي فيه مزدجر، حكمة بالغة. ولو رفعت الحكمة على الاستئناف كان جائزا، فيكون معنى الكلام حينئذ: ولقد جاءهم من الانباء النبأ الذي فيه مزدجر، ذلك حكمة بالغة، أو هو حكمة بالغة فتكون الحكمة كالتفسير لها.
وقوله: فما تغني النذر وفي ما التي في قوله: فما تغني النذر وجهان:
أحدهما أن تكون بمعنى الجحد، فيكون إذا وجهت إلى ذلك معنى الكلام، فليست تغني عنهم النذر ولا ينتفعون بها، لاعراضهم عنها وتكذيبهم بها. والآخر: أن تكون بمعنى:
أني، فيكون معنى الكلام إذا وجهت إلى ذلك: فأي شئ تغني عنهم النذر. والنذر: جمع نذير، كالجدد: جمع جديد، والحصر: جمع حصير. القول في تأويل قوله تعالى: