23077 حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثني عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي (ص) قال: لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو ما يسيل من صديدهم لان ذلك هو الأغلب من معنى الغسوق، وإن كان للآخر وجه صحيح.
وقوله: وآخر من شكله أزواج اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والكوفة وآخر من شكله أزواج على التوحيد، بمعنى: هذا حميم وغساق فليذوقوه، وعذاب آخر من نحو الحميم ألوان وأنواع، كما يقال: لك عذاب من فلان:
ضروب وأنواع وقد يحتمل أن يكون مرادا بالأزواج الخبر عن الحميم والغساق، وآخر من شكله، وذلك ثلاثة، فقيل أزواج، يراد أن ينعت بالأزواج تلك الأشياء الثلاثة. وقرأ ذلك بعض المكيين وبعض البصريين: وأخر على الجماع، وكأن من قرأ ذلك كذلك كان عنده لا يصلح أن يكون الأزواج وهي جمع نعتا لواحد، فلذلك جمع أخر، لتكون الأزواج نعتا لها والعرب لا تمنع أن ينعت الاسم إذا كان فعلا بالكثير والقليل والاثنين كما بينا فتقول: عذاب فلان أنواع، ونوعان مختلفان.
وأعجب القراءتين إلي أن أقرأ بها: وآخر على التوحيد، وإن كانت الأخرى صحيحة لاستفاضة القراءة بها في قراء الأمصار وإنما اخترنا التوحيد لأنه أصح مخرجا في العربية، وأنه في التفسير بمعنى التوحيد. وقيل إنه الزمهرير. ذكر من قال ذلك:
23078 حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله وآخر من شكله أزواج قال الزمهرير.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، بمثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا معاوية، عن سفيان، عن السدي، عمن أخبره عن عبد الله بمثله، إلا أنه قال: عذاب الزمهرير.