18431 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال: كان بعيد البصر، قصير النظر، أعمى عن الحق.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن الله عز وجل ثناؤه، عم بالخبر عنه بوصفه نفسه بالبصر، ولم يخصص منه معنى دون معنى، فذلك على ما عمه فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الآية، قال: رب لم حشرتني أعمى عن حجتي ورؤية الأشياء، وقد كنت في الدنيا ذا بصر بذلك كله.
فإن قال قائل: وكيف قال هذا لربه: لم حشرتني أعمى مع معاينته عظيم سلطانه، أجهل في ذلك الموقف أن يكون لله أن يفعل به ما شاء، أم ما وجه ذلك؟ قيل: إن ذلك منه مسألة لربه يعرفه الجرم الذي استحق به ذلك، إذ كان قد جهله، وظن أن لا جرم له، استحق ذلك به منه، فقال: رب لأي ذنب ولأي جرم حشرتني أعمى، وقد كنت من قبل في الدنيا بصيرا وأنت لا تعاقب أحدا إلا بدون ما يستحق منك من العقاب.
وقوله: قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها يقول تعالى ذكره، قال الله حينئذ للقائل له:
لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا: فعلت ذلك بك، فحشرتك أعمى كما أتتك آياتي، وهي حججه وأدلته وبيانه الذي بينه في كتابه، فنسيتها: يقول: فتركتها وأعرضت عنها، ولم تؤمن بها، ولم تعمل. وعنى بقوله كذلك أتتك هكذا أتتك. وقوله: وكذلك اليوم تنسى يقول: فكما نسيت آياتنا في الدنيا، فتركتها وأعرضت عنها، فكذلك اليوم ننساك، فنتركك في النار.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله وكذلك اليوم تنسى فقال بعضهم بمثل الذي قلنا في ذلك. ذكر من قال ذلك:
18432 - حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال، ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله: وكذلك اليوم تنسى قال: في النار.
18433 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: كذلك أتتك آياتنا فنسيتها قال: فتركتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك اليوم تترك في النار.
وروي عن قتادة في ذلك ما.