يقول تعالى ذكره: يومئذ يتبع الناس صوت داعي الله الذي يدعوهم إلى موقف القيامة، فيحشرهم إليه لا عوج له يقول: لا عوج لهم عنه ولا انحراف، ولكنهم سراعا إليه ينحشرون. وقيل: لا عوج له، والمعنى: لا عوج لهم عنه، لان معنى الكلام ما ذكرنا من أنه لا يعوجون له ولا عنه. ولكنهم يؤمونه ويأتونه، كما يقال في الكلام: دعاني فلان دعوة لا عوج لي عنها: أي لا أعوج عنها. وقوله وخشعت الأصوات للرحمن يقول تعالى ذكره: وسكنت أصوات الخلائق للرحمن فوصف الأصوات بالخشوع. والمعنى لأهلها إنهم خضع جميعهم لربهم، فلا تسمع لناطق منهم منطقا إلا من أذن له الرحمن، كما:
18363 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وخشعت الأصوات للرحمن يقول: سكنت.
وقوله: فلا تسمع إلا همسا يقول: إنه وطئ الاقدام إلى المحشر. وأصله:
الصوت الخفي، يقال همس فلان إلى فلان بحديثه إذا أسره إليه وأخفاه ومنه قول الراجز:
وهن يمشين بنا هميسا * إن يصدق الطير ننك لميسا يعني بالهمس: صوت أخفاف الإبل في سيرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
18364 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا علي بن عابس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فلا تسمع إلا همسا قال: وطئ الاقدام.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يعني: همس الاقدام، وهو الوطئ.
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس فلا تسمع إلا همسا يقول: الصوت الخفي.