وكان الذي يحمل الحوت واحد، وهو فتى موسى، يدل على ذلك قوله: إني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره.
وقوله: قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى يقول تعالى ذكره: قال موسى له مجيبا: ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه، يعني: نظير خلقه في الصورة والهيئة كالذكور من بني آدم، أعطاهم نظير خلقهم من الإناث أزواجا، وكالذكور من البهائم، أعطاها نظير خلقها، وفي صورتها وهيئتها من الإناث أزواجا، فلم يعط الانسان خلاف خلقه، فيزوجه بالإناث من البهائم، ولا البهائم بالإناث من الانس، ثم هداهم للمأتي الذي منه النسل والنماء كيف يأتيه، ولسائر منافعه من المطاعم والمشارب، وغير ذلك.
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: بنحو الذي قلنا فيه. ذكر من قال ذلك:
18212 - حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: أعطى كل شئ خلقه ثم هدى يقول: خلق لكل شئ زوجة، ثم هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه ومولده.
18213 - حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى يقول: أعطى كل دابة خلقها زوجا، ثم هدى للنكاح.
وقال آخرون: معنى قوله ثم هدى أنه هداهم إلى الألفة والاجتماع والمناكحة.
ذكر من قال ذلك:
18214 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى يعني: هدى بعضهم إلى بعض، ألف بين قلوبهم وهداهم للتزويج أن يزوج بعضهم بعضا.
وقال آخرون: معنى ذلك: أعطى كل شئ صورته، وهي خلقه الذي خلقه به، ثم هداه لما يصلحه من الاحتيال للغذاء والمعاش. ذكر من قال ذلك:
18215 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: ثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: أعطى كل شئ صورته ثم هدى كل شئ إلى معيشته.