وقوله: فأردنا أن يبدلهما ربهما: اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه جماعة من قراء المكيين والمدنيين والبصريين: فأردنا أن يبدلهما ربهما. وكان بعضهم يعتل لصحة ذلك بأنه وجد ذلك مشددا في عامة القرآن، كقول الله عز وجل: فبدل الذين ظلموا، وقوله: وإذا بدلنا آية مكان آية، فألحق قوله: فأردنا أن يبدلهما به. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: فأردنا أن يبدلهما بتخفيف الدال. وكان بعض من قرأ ذلك كذلك من أهل العربية يقول: أبدل يبدل بالتخفيف وبدل يبدل بالتشديد: بمعنى واحد.
والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القراء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقيل: إن الله عز وجل أبدل أبوي الغلام الذي قتله صاحب موسى منه بجارية. ذكر من قال ذلك:
17527 - حدثني يعقوب، قال: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا المبارك بن سعيد، قال: ثنا عمرو بن قيس في قوله: فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما قال: بلغني أنها جارية.
17528 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، أخبرني سليمان بن أمية أنه سمع يعقوب بن عاصم يقول: أبدلا مكان الغلام جارية.
17529 - قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم، أنه سمع سعيد بن جبير يقول: أبدلا مكان الغلام جارية . وقال آخرون: أبدلهما ربهما بغلام مسلم. ذكر من قال ذلك:
17530 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج فأرد أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما قال: كانت أمه حبلى يومئذ بغلام مسلم.
17531 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، أنه ذكر الغلام الذي قتله الخضر، فقال: قد فرح به أبواه حين ولد وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي كان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب.