حدثني الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: ولقد همت به وهم بها قال: أطلق تكة سراويله.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي ملكية، قال: شهدت ابن عباس سئل عن هم يوسف ما بلغ؟ قال: حل الهميان، وجلس منها مجلس الخاتن.
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا وهو لله نبي؟ قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: كان ممن ابتلي من الأنبياء بخطيئة، فإنما ابتلاه الله بها ليكون من الله عز وجل على وجل إذا ذكرها، فيجد في طاعته إشفاقا منها، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته.
وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك ليعرفهم موضع نعمته عليهم، بصفحة عنهم وتركه عقوبته عليه في الآخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه عنه إذا تابوا.
وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأولوا القرآن بآرائهم، فأنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة، فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف، وهم بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمها به مما أرادته من المكروه، لولا أن يوسف رأى برهان ربه، وكفه ذلك عما هم به من أذاها، لا أنها ارتدعت من قبل نفسها. قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء قالوا: فالسوء: هو ما كان هبه من أذاها، وهو غير الفحشاء.
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به. فتناهى الخبر عنها، ثم ابتدئ الخبر عن يوسف، فقيل: وهم بها يوسف، لولا أن رأى برهان ربه. كأنهم وجهوا معنى الكلام إلى أن يوسف لم يهم بها، وأن الله إنما أخبر أن يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهم بها، ولكنه رأى برهان ربه فلم يهم بها، كما قيل: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا. ويفسد هذين القولين أن العرب لا تقدم جواب لولا قبلها،