الأوثان، وكان قوله: وما قدروا حق الله قدره موصولا بذلك غير مفصول منه، لم يجز لنا أن ندعي أن ذلك مصروف عما هو به موصول إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل ولكني أظن أن الذين تأولوا ذلك خبرا عن اليهود، وجدوا قوله: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم فوجهوا تأويل ذلك إلى أنه لأهل التوراة، فقرأوه على وجه الخطاب لهم: تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم فجعلوا ابتداء الآية خبرا عنهم، إذ كانت خاتمتها خطابا لهم عندهم. وغير ذلك من التأويل والقراءة أشبه بالتنزيل، لما وصفت قبل من أن قوله: وما قدروا الله حق قدره في سياق الخبر عن مشركي العرب وعبدة الأوثان، وهو به متصل، فالأولى أن يكون ذلك خبرا عنهم.
والأصوب من القراءة في قوله: يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا أن يكون بالياء لا بالتاء، على معنى أن اليهود يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا، ويكون الخطاب بقوله: قل من أنزل الكتاب لمشركي قريش. وهذا هو المعنى الذي قصده مجاهد إن شاء الله في تأويل ذلك، وكذلك كان يقرأ.
10553 - حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن مجاهد أنه كان يقرأ هذا الحرف: يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا.
القول في تأويل قوله تعالى: قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) قل يا محمد لمشركي قومك القائلين لك:
ما أنزل على بشر من شئ، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا يعني: جلاء وضياء من ظلمة الضلالة وهدى للناس يقول: بيانا للناس، يبين لهم له الحق من الباطل فيما أشكل عليهم من أمر دينهم، يجعلونه قراطيس يبدونها. فمن قرأ ذلك: تجعلونه جعله خطابا لليهود على ما بينت من تأويل من تأول ذلك كذلك، ومن قرأه بالياء:
يجعلونه فتأويله في قراءته: يجعله أهله قراطيس، وجرى الكلام في يبدونها بذكر القراطيس، والمراد منه: المكتوب في القراطيس، يراد يبدون كثيرا مما يكتبون في