أظلم ممن ادعى على النبوة كاذبا وقال أوحي إلى ولم يوح إليه شئ ومع ذلك يقول ما أنزل الله بشر من شئ فينقض قوله بقوله ويكذب بالذي تحققه وينفى ما يثبته وذلك إذا تدبره العاقل إلا ريب علم أن فاعله من عقله عديم وقد روى عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ما.
10566 - حدثني محمد ابن سعد قال ثنى أبي قال ثني عمي قال ثنى أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله قال زعم أنه لو شاء قال مثله يعني الشعر فكان ابن عباس في تأويله هذا على ما تأوله يوجه معنى قول قائل سأنزل مثل ما أنزل الله إلى سأنزل مثل ما قال الله من الشعر وكذلك تأوله السدي وقد ذكرنا لرواية عنه قبل فيما مضى.
القول في تأويل قوله (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) ولو ترى يا محمد حين يغمر الموت بسكراته هؤلاء الظالمين العادين بربهم الآلهة والأنداد والقائلين ما أنزل الله على بشر من شئ والمفترين على الله كذبا الزاعمين أن الله أوحى إليه ولم يوح إليه شئ والقائلين سأنزل مثل ما أنزل الله فتعاينهم وقد غشيتهم سكرات الموت ونزل بهم أمر الله وحان فناء آجالهم والملائكة باسطو أيديهم يضربون وجوههم وأدبارهم كما قال جل ثناؤه فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه يقولون لهم أخرجوا أنفسكم والغمرات جمع غمرة وغمرة كل شئ كثرته ومعظمه وأصله الشئ الذي يغمر الأشياء فيغطيها ومنه قول الشاعر:
وهل ينجى من الغمرات إلا * براكاء القتال أو الفرار