وأما قوله: ويذيق بعضكم بأس بعض فإنه يعني: بقتل بعضكم بيد بعض، والعرب تقول للرجل ينال بسلاح فيقتله به: قد أذاق فلان فلانا الموت وأذاقه بأسه. وأصل ذلك من ذوق الطعام وهو يطعمه، ثم استعمل ذلك في كل ما وصل إلى الرجل من لذة وحلاوة أو مرارة ومكروه وألم. وقد بينت معنى البأس في كرم العرب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10406 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ويذيق بعضكم بأس بعض بالسيوف.
10407 - حدثني المثنى، قال: ثنا أبو النعمان عارم، قال: ثنا حماد، عن أبي هارون العبدي، عن نوف البكالي، أنه في قوله: ويذيق بعضكم بأس بعض قال:
هي والله الرجال في أيديهم الحراب يطعنون في خواصركم.
10408 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ويذيق بعضكم بأس بعض قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
10409 - حدثنا سعيد بن الربيع الرازي، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: عذاب هذه الأمة أهل الاقرار بالسيف، أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض وعذاب أهل التكذيب: الصيحة والزلزلة.
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذا الآية، فقال بعضهم: عني بها المسلمون من أمة محمد (ص)، وفيهم نزلت. ذكر من قال ذلك:
10410 - حدثني محمد بن عيسى الدامغاني، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في قوله: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم... الآية، قال: فهن أربع وكلهن عذاب، فجاء منهن اثنتان بعد وفاة رسول الله (ص) بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعا وأذيق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان، فهما لا بد واقعتان، يعني: الخسف والمسخ.
10411 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن