10285 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: نفقا في الأرض قال: سربا.
وترك جواب الجزاء، فلم يذكر لدلالة الكلام عليه ومعرفة السامعين بمعناه، وقد تفعل العرب ذلك فيما كان يفهم معناه عند المخاطبين به، فيقول الرجل منهم للرجل: إن استطعت أن تنهض معنا في حاجتنا إن قدرت على معونتنا، ويحذف الجواب، وهو يريد:
إن قدرت على معونتنا فافعل، فأما إذا لم يعرف المخاطب والسامع معنى الكلام إلا بإظهار الجواب لم يحذفوه، لا يقال: إن تقم، فتسكت وتحذف الجواب لان المقول ذلك له لا يعرف جوابه إلا بإظهاره، حتى يقال: إن تقم تصب خيرا، أو: إن تقم فحسن، وما أشبه ذلك. ونظير ما في الآية مما حذف جوابه وهو مراد لفهم المخاطب لمعنى الكلام قول الشاعر:
فبحظ مما نعيش ولا تذهب * بك الترهات في الأهوال والمعنى: فتحط مما يعيش فعيشي.
القول في تأويل قوله تعالى: ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين.
يقول تعالى ذكره: إن الذين يكذبونك من هؤلاء الكفار يا محمد فيحزنك تكذيبهم إياك، لو أشاء أن أجمعهم على استقامة من الدين وصواب من محجة الاسلام حتى تكون كلمة جميعكم واحدة وملتكم وملتهم واحدة، لجمعتهم على ذلك، ولم يكن بعيدا علي لأني القادر على ذلك بلطفي، ولكني لم أفعل ذلك لسابق علمي في خلقي ونافذ قضائي فيهم من قبل أن أخلقهم وأصور أجسامهم. فلا تكونن يا محمد من الجاهلين يقول: فلا تكونن ممن لا يعلم أن الله لو شاء لجمع على الهدى جميع خلقه بلطفه وأن يكفر به من خلقه إنما علم الله فيه ونافذ قضائه بأنه كائن من الكافرين به اختيارا لا اضطرارا، فإنك إذا علمت صحة ذلك لم يكبر عليك إعراض من أعرض من المشركين عما تدعوه إليه من الحق وتكذيب من كذبك منهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10286 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح،