والوجه الآخر: أن يكون مرادا بالكلام هذا الامر وهذا الشأن، يوم ينفع الصادقين فيكون اليوم حينئذ منصوبا على الوقت والصفة، بمعنى: هذا الامر في يوم ينفع الصادقين صدقهم.
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب: هذا يوم ينفع الصادقين بنصب اليوم على أنه منصوب على الوقت والصفة، لان معنى الكلام: أن الله تعالى أجاب عيسى حين قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته.... إلى قوله: فإنك أنت العزيز الحكيم فقال له عز وجل: هذا القول النافع أو هذا الصدق النافع يوم ينفع الصادقين صدقهم فاليوم وقت القول والصدق النافع.
فإن قال قائل: فما موضع هذا؟ قيل رفع فإن قال: فأين رافعه؟ قيل مضمر، وكأنه قال: قال الله عز وجل: هذا، هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، كما قال الشاعر:
أما ترى السحاب كيف يجري * هذا ولا خيلك يا ابن بشر يريد: هذا هذا، ولا خيلك.
فتأويل الكلام إذا كان الامر على ما وصفنا لما بينا: قال الله لعيسى: هذا القول النافع في يوم ينفع الصادقين في الدنيا صدقهم ذلك في الآخرة عند الله. لهم جنات تجري من تحتها الأنهار يقول: للصادقين في الدنيا جنات تجري من تحتها الأنهار في الآخرة ثوابا لهم من الله عز وجل، على ما كان من صدقهم الذي صدقوا الله فيما وعدوه، فوفوا به لله، فوفي الله عز وجل لهم ما وعدهم من ثوابه. خالدين فيها أبدا يقول: باقين في الجنات التي أعطاهموها أبدا دائما لهم فيها نعيم لا ينتقل عنهم ولا يزول. وقد بينا فيما مضى أن معنى الخلود: الدوام والبقاء.
القول في تأويل قوله تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم.
يقول تعالى ذكره: رضي الله عن هؤلاء الصادقين الذين صدقوا في الوفاء له بما وعدوه من العمل بطاعته واجتناب معاصيه، ورضوا عنه يقول: ورضوا هم عن الله