إلا أن هذا الموضوع يبدو بعيدا جدا، لأن هؤلاء كانوا يسعون بكل ما أوتوا من قوة لأن يسحقوا ويحطموا موسى ومعجزته، وبناء على هذا فإن التعبير آنف الذكر ربما كان لإظهار اعتمادهم على أنفسهم أمام الناس.
غير أن موسى (عليه السلام) بدون أن يبدي عجلة، لاطمئنانه بأن النصر سوف يكون حليفه، بل وبغض النظر عن أن الذي يسبق إلى الحلبة في هذه المجابهات هو الذي يفوز قال بل ألقوا. ولا شك أن دعوة موسى (عليه السلام) هؤلاء إلى المواجهة وعمل السحر كانت مقدمة لإظهار الحق، ولم يكن من وجهة نظر موسى (عليه السلام) أمرا مستهجنا، بل كان يعتبره مقدمة لواجب.
فقبل السحرة ذلك أيضا، وألقوا كل ما جلبوه معهم من عصي وحبال للسحر في وسط الساحة دفعة واحدة، وإذا قبلنا الرواية التي تقول: إنهم كانوا آلاف الأفراد، فإن معناها أن في لحظة واحدة القيت في وسط الميدان آلاف العصي والحبال التي ملئت أجوافها بمواد خاصة فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى!
أجل، لقد ظهرت بصورة أفاع وحيات صغيرة وكبيرة متنوعة، وفي أشكال مختلفة ومخيفة، ونقرأ في الآيات الأخرى من القرآن الكريم في هذا الباب:
سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم (1) وبتعبير الآية (44) من سورة الشعراء: وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون.
لقد ذكر كثير من المفسرين أن هؤلاء كانوا قد جعلوا في هذه الحبال والعصي موادا كالزئبق الذي إذا مسته أشعة الشمس وارتفعت حرارته وسخن، فإنه يولد لهؤلاء - نتيجة لشدة فورانه - حركات مختلفة وسريعة " إن هذه الحركات لم تكن سيرا وسعيا حتما، إلا أن إيحاءات السحرة التي كانوا يلقنونها الناس، والمشهد