في الواقع، إن جملة وسع كل شئ علما جاءت في مقابل وصف العجل وجهله وعجزه الذي ذكر قبل عدة آيات.
* * * 2 بحثان 3 1 - يجب الثبات أمام الحوادث الصعبة إن طريقة موسى (عليه السلام) في مقابلة انحراف بني إسرائيل في عبادتهم العجل، يمكن أن تكون مثلا يقتدى به في كل زمان ومكان في مجال مكافحة الانحرافات الصعبة المعقدة.
فلو أن موسى (عليه السلام) كان يريد أن يقف أمام مئات الآلاف من عبدة العجل ويواجههم بالموعظة والنصيحة وقدر من الاستدلال فقط لما حالفه الفوز والنجاح، فقد كان عليه أن يقف بحزم هنا أمام ثلاثة أمور: أمام أخيه، والسامري، وعبدة العجل، فبدأ أولا بأخيه فأخذ بمحاسنه وجره إليه وصرخ في وجهه، فهو في الحقيقة قد شكل محكمة له - وإن كانت قد ثبتت براءته في النهاية - حتى يحسب الآخرون حسابهم.
ثم توجه إلى المسبب الأصلي لهذه المؤامرة - أي السامري - فحكمه بحكم كان أشد من القتل، وهو الطرد من المجتمع وعزله وتبديله إلى موجود نجس ملوث يجب أن يبتعد عنه الجميع، ثم تهديده بعقاب الله الأليم.
ثم جاء إلى عبدة العجل من بني إسرائيل، ووضح لهم بأن ذنبكم كبير لا توبة منه إلا أن تشهر السيوف ويقتل بعضكم بعضا ليتطهر هذا المجتمع من الدماء الفاسدة، وبهذه الطريقة يعدم جماعة من المذنبين بأيديهم، ليتوارى هذا الفكر الخطر المنحرف عن عقول هؤلاء، وقد بينا شرح هذه الحادثة في ذيل الآيات 51 - 54 من سورة البقرة تحت عنوان: " توبة لم يسبق لها مثيل ".