فمثلا نقرأ في شأن قوم لوط الذين لم يؤمنوا بنبيهم أبدا: وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين، (1) ونقرأ في سورة الفرقان في الآية 31:
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين.
3 4 - جبر البيئة خرافة تبين قصة السحرة في الآيات المذكورة أن القول بأن البيئة تملي أو تفرض على صاحبها مساره في الحياة ليس سوى وهم فارغ، فإن الإنسان فاعل مختار، وصاحب إرادة حرة، فإذا صمم في أي وقت فإنه يستطيع أن يغير مسيره من الباطل إلى الحق، حتى لو كان كل الناس في تلك البيئة غارقين في الذنوب والضلال، فالسحرة الذين كانوا لسنين طويلة في ذلك المحيط الملوث بالشرك، وكانوا يرتكبون بأنفسهم ويعملون الأعمال المتوغلة في الشرك عندما صمموا على قبول الحق والثبات عليه بعشق، لم يخافوا أي تهديد، وحققوا هدفهم، وعلى قول المفسر الكبير العلامة الطبرسي: (كانوا أول النهار كفارا سحرة، وآخر النهار شهداء بررة) (2).
ومن هنا يتضح - أيضا - مدى ضعف وعدم واقعية أساطير الماديين، وخاصة الماركسيين حول نشأة الدين وتكونه، فإنهم اعتبروا أساس كل حركة هو العامل الاقتصادي، في حين أن الأمر هنا كان بالعكس تماما، لأن السحرة قد حضروا حلبة الصراع نتيجة ضغط أجهزة فرعون من جانب، والإغراءات الاقتصادية من جانب آخر، إلا أن الإيمان بالله قد محا كل هذه الأمور، فقد إنهار المال والجاه الذي وعدهم فرعون به عند أعتاب إيمانهم، ووضعوا أرواحهم العزيزة هدية لهذا العشق!
* * *