3 2 - لن نؤثرك على البينات مما يلفت النظر أن هؤلاء اختاروا أكثر التعابير منطقية إزاء فرعون وكلامه غير المنطقي، فقالوا أولا: إننا قد رأينا أدلة واضحة على أحقية موسى ودعوته الإلهية، وسوف لا نكترث بأي شئ ولا نقدمه على هذه الدلالات البينة، وأكدوا هذا الأمر فيما بعد بجملة والذي فطرنا وربما كان هذا التعبير بحد ذاته - مع ملاحظة كلمة (فطرنا) - إشارة إلى ما هم عليه من الفطرة التوحيدية، فكأنهم قالوا: إننا نشاهد نور التوحيد من أعماق وجودنا وأرواحنا، وكذلك بالدليل العقلي، ومع هذه الآيات البينات كيف نستطيع أن نترك هذا الصراط المستقيم، ونسير في طريقك المنحرف؟
ويلزم الالتفات إلى هذه النكتة أيضا، وهي أن جمعا من المفسرين لم يعتبروا جملة والذي فطرنا قسما، بل عدوها عطفا على ما جاءنا من البينات وبناء على هذا سيصبح معنى الجملة: إننا سوف لن نؤثرك أبدا على هذه الأدلة الجلية، وعلى الله الذي خلقنا.
غير أن التفسير الأول يبدو أقرب للصحة، لأن عطف هاتين الجملتين بعضهما على بعض غير مناسب. " فلاحظوا بدقة "!
3 3 - من هو المجرم؟
بملاحظة الآيات الشريفة التي تقول: إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم والتي يظهر منها خلود العذاب، يتبادر هذا السؤال: ترى هل لكل مجرم هذا المصير؟
إلا أنه بالالتفات إلى أن الآية التالية قد بينت النقطة المقابلة لذلك، وجاءت فيها كلمة " المؤمن " يتضح أن المراد من المجرم هنا هو الكافر، إضافة إلى أنه ورد في القرآن كثيرا استعمال هذه الكلمة بمعنى الكافر.