آنفة الذكر عن العجلة حتى ولو كان المراد أو الهدف من هذا الفعل صحيحا، وأساسا لا تخلو الأعمال التي تنجز باستعجال من العيب والنقص غالبا. ومن المسلم به أن فعل النبي لما كان عليه من مقام العصمة - كان مصونا من الخطأ، إلا أنه ينبغي عليه أن يكون في كل شئ مثلا وقدوة للناس، ليفهم الناس أنه إذا كان الاستعجال في تلقي الوحي غير محبذ، فلا ينبغي الاستعجال في الأمور الأخرى من باب أولى أيضا.
ولا ينبغي أن نخلط بين السرعة والعجلة طبعا - فالسرعة تعني أن الخطة قد نظمت بدقة كاملة، وحسبت جميع مسائلها، ثم تجري بنودها بدون فوات وقت.
أما العجلة فتعني أن الخطة لم تنضج تماما بعد، وتحتاج إلى تحقيق وتدقيق، وعلى هذا فإن السرعة مطلوبة، والعجلة أمر غير مطلوب.
وقد ذكرت إحتمالات أخرى في تفسير هذه الجملة، ومنها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يطيق تأخر الوحي، فعلمته الآية أن يتمهل فإن الله ينزل عليه وحيه عند الاقتضاء والحاجة إليه.
وقال بعض المفسرين: إن آيات القرآن نزلت على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ليلة القدر دفعة واحدة، ونزلت مرة أخرى بصورة تدريجية على مدى (23) سنة، ولذلك فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسبق جبرئيل عند النزول التدريجي للآيات، فأمره القرآن أن لا تعجل في هذا الأمر، ودع الآيات تنزل نزولا تدريجيا كل في موقعها وزمانها.
إلا أن التفسير الأول يبدو أقرب للصواب.
3 2 - اطلب المزيد من العلم لما كان النهي عن العجلة عند تلقي الوحي موهما النهي عن الاستزادة في طلب العلم، فقد عقبت الآية بعد ذلك بالقول مباشرة: وقل رب زدني علما