يعمل ما يعرضه للعذاب، وليس من العدل الإلهي أن يأخذ البرئ بالمذنب، بل لو أن رجلا كان يعبد الله في قوم لأنقذه الله سبحانه مما يعمهم به من البلاء.
فهذا الدعاء من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما كان بأمر من الله تعالى، لهدفين: ليحذر الكفار والمشركين من سوء المنقلب الذي يتوجب أن يسلم الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه إلى الله جل وعلا ويطلب منه النجاة، والآخر: ليعلم أصحابه وأتباعه جميعا التسليم إلى الحق، وألا يتصوروا أنهم في مأمن من عذابه.
أما ماذا يقصد بهذا العذاب؟
يرى معظم المفسرين أنه العقاب الدنيوي الذي ابتلى الله به المشركين، ومنه الهزيمة المرة التي ألحقها بهم في معركة بدر (1) ومع التوجه إلى أن سورة " المؤمنون " مكية نزلت يوم مواجهة المؤمنين لضغوط كبيرة. لهذا كانت هذه الآيات بلسم لجراحهم وتسلية لخواطرهم (وجاء بهذا المعنى أيضا في سورة يونس الآية 46).
إلا أن بعض المفسرين احتملوا أنه يشمل العذاب الدنيوي والأخروي معا (2).
ويبدو التفسير الأول أقرب لمراد الآية.
وتأكيدا لهذا الموضوع ولنفي كل شك لدى الأعداء، ولتسلية خاطر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين، أضافت الآية اللاحقة وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون.
ولقد تجلت قدرة الله سبحانه في ساحات مختلفة بعد ذلك - ومنها معركة بدر - حيث غلبت قلة من المؤمنين جموع الأعداء الغفيرة بقوة الإيمان وبنصر من الله