بعضهم السحرة، وكان عددهم - على رأي بعض المفسرين - اثنين وسبعين ساحرا، وقال آخرون إنهم بلغوا أربعمائة، وذكر البعض أعدادا أكبر أيضا. وكان قسم من ذلك الجمع عبارة عن فرعون وأنصاره وحاشيته، وأخيرا القسم الثالث الذي كان يشكل الأكثرية، وهم الناس المتفرجون.
هنا توجه موسى إلى السحرة، أو إلى الفراعنة والسحرة، وقال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى. وواضح أن مراد موسى من الافتراء على الله سبحانه هو أن يجعلوا شخصا أو شيئا شريكا له، أو ينسبوا معجزات رسول الله إلى السحر، ويظنوا أن فرعون إلههم ومعبودهم، ومن المحتم أن الله سبحانه سوف لا يدع من ينسبون هذه الأكاذيب إلى الله، ويسعون بكل قواهم لإطفاء نور الحق، بدون عقاب.
إن كلام موسى المتين الذي لا يشبه كلام السحرة بوجه، بل إن نبرته كانت نبرة دعوة كل الأنبياء الحقيقيين، ونابعة من صميم قلب موسى الطاهر، فأثرت على بعض القلوب، وأوجدت اختلافا بين ذلك الحشد من السحرة، فبعض كان يناصر المواجهة والمبارزة، وبعض تردد في الأمر، واحتمل أن يكون موسى (عليه السلام) نبيا إلهيا، وأثرت فيهم تهديداته، خاصة وأن لباس موسى وهارون البسيط كان لباس رعاة الأغنام، وعدم مشاهدة الضعف والتراجع على محياهما بالرغم من كونهما وحيدين، كان يعتبر دليلا آخر على أصالة أقوالهما وصدق نواياهما، ولذلك فإن القرآن يقول: فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى.
إن من الممكن أن تكون هذه المسارة والنجوى أمام فرعون، ويحتمل أيضا أن لا تكون أمامه، وهناك احتمال آخر، وهو أن القائمين على إدارة هذا المشهد قد تناجوا في خفاء عن الناس.
إلا أن أنصار الاستمرار في المواجهة انتصروا أخيرا وأخذوا زمام المبادرة بيدهم، وشرعوا في تحريك السحرة بطرق مختلفة، فأولا قالوا إن هذان