الشيطان " (1).
فإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عصمته ومنزلته السامية عند الله، يدعوه سبحانه بهذا الدعاء، فما بالك بمسؤولية الآخرين؟ يجب أن يدعوا الله ألا يكلهم إلى أنفسهم طرفة عين. وليس فقط ألا يقعوا تحت تأثير همزات الشياطين، بل ألا يحضرهم الشياطين في مجالسهم. فعلى محبي الحق والذابين عنه وناشديه أن يفوضوا أمرهم إلى الله، ليحفظهم من وساوس الشياطين ومكائدهم.
3 2 - رد السيئة بالحسنة من أبرز السبل المؤثرة في مكافحة الأعداء الأشداء والمعاندين رد السيئة بالحسنة، فذلك يوقظ مشاعرهم، فيحاسبون أنفسهم على ما اقترفوه من أعمال سيئة، ويعودون للصواب غالبا. ونجد في سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة الهدى (عليهم السلام) هذا المنهج بشكل واضح، حيث يردون سيئات الجناة بالإحسان إليهم والإنعام عليهم، فيكسبون ودهم، ويفجرون في جوارحهم استجابة للحق، ورفضا للباطل.
وقد ذكر القرآن المجيد هذه السيرة للمسلمين مرارا باعتبارها مبدأ أساسيا لاقتلاع السيئات، ففي الآية الرابعة والثلاثين من سورة فصلت نقرأ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.
والجدير بالذكر أن هذا الأمر خاص بحالات لا يسئ العدو الاستفادة من هذا المبدأ، ويرى إحسانهم إليه أو عفوهم عنه ضعفا منهم، فيزداد جرأة على العدوان والظلم.
وهذه السيرة لا تعني مساومة الأعداء أو التسليم لهم. وهذا قد يكون السبب في أن الله عز وجل أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذكر هذه التوصية مباشرة بالتعوذ به من همزات الشياطين وحضورهم حوله.
* * *