هذه المرحلة عن المراحل السابقة (مرحلة النطفة والعلقة والمضغة واللحم والعظم) اختلافا بينا. مرحلة ذكرها القرآن في عبارة موجزة ثم أنشأناه خلقا آخر ويعقب ذلك مباشرة بالقول: فتبارك الله أحسن الخالقين.
ما هذه المرحلة التي تمتاز بهذه الأهمية؟
إنها مرحلة يدخل فيها الجنين مرحلة الحياة الإنسانية، يكون له إحساس وحركة، وبتعبير الأحاديث الإسلامية " نفخ الروح ".
هنا يترك الإنسان حياته النباتية بقفزة واحدة ليدخل عالم الحيوان، ومنه إلى عالم الإنسانية، وتتباعد الشقة مع المرحلة السابقة بدرجة استخدمت الآية لها عبارة (ثم أنشأنا) لأن عبارة (ثم خلقنا) لم تعد كافية. حيث يتخذ الإنسان في هذه المرحلة شكلا خاصا يرفعه عن المخلوقات الأخرى، ليكون جديرا بخلافة الله في الأرض، وليحمل الأمانة التي تخلت عنها الجبال والسماوات، لعدم استطاعتها حملها.
وهنا انطوى " العالم الكبير " في " الجرم الصغير " بكل عجائبه، فيكون جديرا حقا بعبارة تبارك الله أحسن الخالقين.
3 3 - كساء اللحم فوق العظام ذكر مفسر (في ظلال القرآن) عند تفسير هذه الآية جملة مدهشة هي أن الجنين بعد قطعه مرحلة " العلقة " و " المضغة " تتبدل خلاياه إلى خلايا عظمية، ثم تكتسي بالتدريج بالعضلات واللحم. لهذا فإن عبارة كسونا العظام لحما معجزة علمية تكشف سرا لم يكن يعلم به أي شخص حتى ذلك الزمن. لأن القرآن لم يقل: أبدلنا المضغة عظما ولحما، بل قال: فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما أي تبدلت المضغة إلى عظام أولا، ثم اكتست باللحم.