3 هل ارتكب آدم معصية؟
مع أن العصيان يأتي في عرف اليوم - عادة - بمعنى الذنب والمعصية، إلا أنه في اللغة يعني الخروج عن الطاعة وعدم تنفيذ الأمر سواء كان الأمر واجبا أو مستحبا، وبناء على هذا فإن استعمال كلمة العصيان لا يعني بالضرورة ترك واجب أو ارتكاب محرم، بل يمكن أن يكون ترك أمر مستحب أو ارتكاب مكروه.
إضافة لما مر، فإن الأمر والنهي يكون إرشاديا، كأمر ونهي الطبيب حيث يأمر المريض أن يتناول الدواء الفلاني، وأن يجتنب الغذاء الفلاني غير المناسب، ولا شك أن المريض إذا خالف أمر الطبيب فإنه لا يضر إلا نفسه، لأنه لم يعبأ بإرشاد الطبيب ونصيحته. وكذلك كان الله قد أمر آدم أن لا تأكل من ثمرة الشجرة الممنوعة، فإنك إن أكلت ستخرج من الجنة، وستبتلى بالألم والمشقة الكبيرة في الأرض، فخالف هذا الأمر الإرشادي، ورأى نتيجة مخالفته أيضا. وإذا لاحظنا أن هذا الكلام كان في مرحلة وجود آدم في الجنة، وهي مرحلة اختبار لا تكليف، فسيتضح معناه بصورة أجلى.
وإضافة لما مر، فإن العصيان أو الذنب يكون أحيانا متصفا بالإطلاق، أي إنه يعد ذنبا من قبل مرتكبيه جميعا وبدون استثناء كالكذب والظلم وأكل المال الحرام، ويكون أحيانا نسبيا، أي العمل الذي إن بدر من شخص ما فقد لا يكون ذنبا، بل قد يعتبر أحيانا عملا مطلوبا ولائقا لصدوره من مثله، أما إذا صدر من آخر فإنه لا يناسبه نظرا إلى مكانته ومنزلته.
فمثلا: تطلب المساعدة من قبل بعض الناس لبناء مستشفى، فيعطى العامل أجرة يوم من عمله والتي لا تتجاوز أحيانا أكثر من عدة دراهم. إن هذا الفعل الصادر من مثل هذا الشخص يعد إيثارا وحسنة وهو مطلوب تماما، أما إذا أعطى رجل ثري هذا المقدار من المال مثلا فإنه لا يناسبه ولا يليق به فحسب، بل سيكون موضع ملامة ومذمة وتعنيف مع أنه أساسا لم يرتكب حراما، بل ساهم ولو