3 - الاعتراف بذنبه وتقصيره.
والشاهد على هذا الكلام الحديث المروي في الدر المنثور عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " فقال رجل: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: " هي ليونس خاصة وللمؤمنين إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله وكذلك ننجي المؤمنين؟ فهو شرط من الله لمن دعاه " (1).
ولا يحتاج أن نذكر بأن المراد ليس قراءة الألفاظ والكلمات فقط، بل جريان حقيقتها في أعماق روح الإنسان، أي أن ينسجم كل وجوده مع معنى تلك الألفاظ حين قراءتها.
ويلزم التذكير بهذه المسألة، وهي أن العقوبات الإلهية على نحوين:
أحدهما: عذاب الاستئصال، أي العقوبة النهائية التي تحل لمحو الأفراد الذين لا يمكن إصلاحهم، إذ لا ينفعهم أي دعاء حينئذ، لأن أعمالهم ذاتها ستكرر بعد هدوء عاصفة البلاء.
والآخر: عذاب التنبيه، والذي له صفة تربوية، ويرتفع مباشرة بمجرد أن يؤثر أثره ويتنبه المخطئ ويثوب إلى رشده. ومن هنا يتضح أن إحدى غايات الآفات والابتلاءات والحوادث المرة هي التوعية والتربية.
إن حادثة يونس (عليه السلام) تحذر بصورة ضمنية جميع قادة الحق والمرشدين إليه بأن لا يتصوروا انتهاء مهمتهم مطلقا، ولا يستصغروا أي جهد وسعي في هذا الطريق، لأن مسؤولياتهم ثقيلة جدا.
* * *