2 بحثان 3 1 - في كيفية السجود العام!
جاء في القرآن المجيد ذكر " السجود العام " لجميع المخلوقات في العالم، وكذا " التسبيح " و " الحمد " و " الصلاة "، وأكد القرآن الكريم على أن هذه العبادات الأربع، لا تختص بالبشر وحدهم، بل يشاركهم فيها حتى الموجودات التي تبدو عديمة الشعور. وعلى الرغم من أننا بحثنا في ختام الآية الرابعة والأربعين من سورة الإسراء عن حمد الموجودات وتسبيحها بحثا مسهبا، وتناولنا سجود المخلوقات العام لله في تفسير الآية الخامسة عشرة من سورة الرعد، نجد الإشارة إلى هذا الحمد والتسبيح الكوني العام ضرورية.
إن للموجودات مع ملاحظة ما ورد في الآية - موضع البحث - شكلين من السجود " سجود تكويني " و " سجود تشريعي ".
فالسجود التكويني هو الخضوع والتسليم لإرادة الله ونواميس الخلق والنظام المسيطر على هذا العالم دون قيد أو شرط، وهو يشمل ذرات المخلوقات كلها، حتى أنه يشمل خلايا أدمغة الفراعنة والمنكرين العنودين وذرات أجسامهم فالجميع يسجدون لله تعالى تكوينا.
وحسبما يقوله عدد من الباحثين، فإن ذرات العالم كلها لها نوع من الإدراك والشعور، ولذا يسبحون الله ويحمدونه ويسجدون له ويصلون له بلسانهم الخاص (شرحنا ذلك في تفسير الآية الرابعة والأربعين من سورة الإسراء) وإذا رفضنا هذا النوع من الإدراك والشعور، فلا مجال لإنكار تسليم الكائنات جميعا للقوانين الحاكمة على نظام الوجود كله.
أما " السجود التشريعي " فهو غاية الخضوع من العقلاء المدركين العارفين لله سبحانه. وهنا يثار سؤال، وهو أنه إذا كان السجود العام يشمل المخلوقات وجميع البشر، فلماذا خصصته الآية المذكورة أعلاه ببعض البشر لا كلهم؟