يأت ربه مجرما فإن له نار جهنم ومصيبته الكبرى في الجحيم هي أنه لا يموت فيها ولا يحيى بل إنه يتقلب دائما بين الموت والحياة، تلك الحياة التي هي أمر من الموت، وأكثر مشقة منه.
ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى.
وهناك بحث بين المفسرين في أن الجمل الثلاث الأخيرة تابعة لكلام السحرة أمام فرعون، أم أنها جمل مستقلة من جانب الله سبحانه جاءت تتمة لكلامهم؟
فبعضهم إعتبرها تابعة لكلام السحرة، وربما كان الابتداء ب (انه) التي هي في الواقع لبيان العلة، يؤيد وجهة النظر هذه.
إلا أن التفصيل الذي جاء في هذه الآيات الثلاث حول مصير المؤمنين الصالحين، والكافرين المجرمين، الذي ينتهي بجملة وذلك جزاء من تزكى وكذلك الأوصاف التي جاءت فيها حول الجنة والنار، تؤيد الرأي الثاني، وهو أنها من كلام الله، لأن السحرة ينبغي أن يكونوا قد تلقوا حظا وافرا من المعرفة والعلوم الإلهية في هذه الفترة القصيرة بحيث يستطيعون أن يقضوا بهذا الجزم والقطع، وعن علم وإطلاع ووعي من أمر الجنة والنار ومصير المؤمنين والمجرمين. إلا أن نقول: إن الله سبحانه قد أجري هذا الكلام على ألسنتهم لإيمانهم، وإن كان هذا لا يفرق عندنا ولا يختلف من ناحية التربية الإلهية والنتيجة سواء كان الله تعالى قد قال ذلك، أو أن السحرة قد تعلموه من الله، خاصة وأن القرآن ينقل كل ذلك بنغمة متناسقة.
* * *