الخاص الذي ظهر هناك، كان يظهر لأعين الناس ويجسد لهم أن هذه الجمادات قد ولجتها الروح، وهي تتحرك الآن. (وتعبير سحروا أعين الناس إشارة إلى هذا المعنى أيضا، وكذلك تعبير يخيل إليه يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى أيضا).
على كل حال، فإن المشهد كان عجيبا جدا، فإن السحرة الذين كان عددهم كبيرا، وتمرسهم وإطلاعهم في هذا الفن عميقا، وكانوا يعرفون جيدا طريقة الاستفادة من خواص هذه الأجسام الفيزيائية والكيميائية الخفية، استطاعوا أن ينفذوا إلى أفكار الحاضرين ليصدقوا أن كل هذه الأشياء الميتة قد ولجتها الروح.
فعلت صرخات السرور من الفراعنة، بينما كان بعض الناس يصرخون من الخوف والرعب، ويتراجعون إلى الخلف.
في هذه الأثناء فأوجس في نفسه خيفة موسى وكلمة " أوجس " أخذت من مادة (إيجاس) وفي الأصل من (وجس) على وزن (حبس) بمعنى الصوت الخفي، وبناء على هذا فإن الإيجاس يعني الإحساس الخفي والداخلي، وهذا يوحي بأن خوف موسى الداخلي كان سطحيا وخفيفا، ولم يكن يعني أنه أولى اهتماما لهذا المنظر المرعب لسحر السحرة، بل كان خائفا من أن يقع الناس تحت تأثير هذا المنظر بصورة يصعب معها إرجاعهم إلى الحق.
أو أن يترك جماعة من الناس الميدان قبل أن تتهيأ الفرصة لموسى لإظهار معجزته، أو أن يخرجوهم من الميدان ولا يتضح الحق لهم، كما نقرأ في خطبة الإمام علي (عليه السلام) الرقم (6) من نهج البلاغة: " لم يوجس موسى (عليه السلام) خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهال ودول الضلال " (1). ومع ما قيل لا نرى ضرورة لذكر الأجوبة الأخرى التي قيلت في باب خوف موسى (عليه السلام).